الحر والبرد، بل كان يجعلها وسطا بين ذلك، وظاهر كلام صاحب المدخل أنها نحو سبعة أذرع، وقد أطنب فيه، لندب التحنيك، قال: وهى وإن أبيحت، لا بد فيها من
= عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. ويثاب ولى أمور المسلمين أيده الله تعالى. على زجر هذا المعتدى الظالم لنفسه ولغيره. وكأن المسكين المفتون لم يبلغه قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» وغير ذلك مما جاء من التحذير من الوقيعة فى أعراض آحاد الناس فكيف فى أكابر العلماء، وكأنه لم يبلغه قول بعضهم للربيع بن خثيم: ما نراك تصيب أحدا!! فقال: لست عن نفسى براض فأتفرغ من عيبها إلى عيب غيرها. وقال بعض الأئمة: لى فى عيوب نفسى شغل عن عيوب الناس. والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن ذلك أيضا ما قرظ به الحافظ ابن حجر العسقلانى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. «صورة تقريظ أمير المؤمنين فى الحديث العلامة ابن حجر الشافعى»: الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى. وقفت على هذا التأليف النافع. والمجموع الذى هو للمقاصد التى جمع لأجلها جامع. فتحققت سعة اطلاع الإمام الذى صنفه. وتضلعه من العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرفه. وشهرة إمامة الشيخ تقى الدين أشهر من الشمس، وتلقيبه بشيخ الإسلام فى عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ويستمر غدا كما كان بالأمس، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره، أو تجنب الإنصاف. فما أغلط من تعاطى ذلك وأكثر عثاره. فالله تعالى هو المسئول أن يقينا شرور أنفسنا وحصائد ألسنتنا بمنه وفضله. ولو لم يكن من الدليل على إمامة هذا الرجل إلا ما نبه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالى فى تاريخه: أنه لم يوجد فى الإسلام من اجتمع فى جنازته لما مات ما اجتمع فى جنازة الشيخ تقى الدين. وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جدا شهدها مئات ألوف. ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد أو أضعاف ذلك. لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته. وأيضا فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد. وكان أمير بغداد وخليفة الوقت إذ ذاك فى غاية المحبة له والتعظيم. بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلد حين مات غائبا، وكان أكثر من بالبلد من الفقهاء، قد تعصبوا عليه حتى مات محبوسا بالقلعة. ومع هذا فلم يتخلف منهم عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف [عليه] إلا ثلاثة أنفس. تأخروا خشية على أنفسهم من العامة. ومع حضور هذا الجمع العظيم فلم يكن لذلك باعث إلا اعتقاد إمامته وبركته، لا يجمع سلطان ولا غيره، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنتم شهداء الله فى الأرض». =