مرة، وإنما ناوله بلا طلب لعلمه بأنه يعجبه. (وكم للشاة من ذراع) الظاهر أنه استفهام استبعاد أو تعجب لا إنكار، لأنه لا يليق فى هذا المقام. (بيده) أى بقوته وقدرته وإرادته وهذا من أحاديث الصفات، وفيها المذهبان المشهوران: التأويل إجمالا وهو تنزيه الله عن ظواهرها مع تفويض التفصيل إليه سبحانه، وهو مذهب السلف أى أكثرهم، وإلا فمالك وغيره من أكابرهم قد أولا تفصيلا حديث النزول وغيره، والتأويل تفصيلا هو مذهب الخلف أى أكثرهم، وإلا فجمع منهم اختاروا الأول، وبما قررته علم أنه لا خلاف بين الفريقين، لأنهم جميعا متفقون على التأويل، وإنما اختار السلف عدم التفصيل، لأنهم لم يضطروا إليه لقلة أهل البدع والأهواء فى زمانهم، والخلف التفصيل لكثرة أولئك فى زمانهم والإجمال لا يغنيهم، فاضطروا إلى التفصيل، وقد زل فى هذا المقام قدم جماعة من الحنابلة وغيرهم ممن كانوا أكابر أئمة زمنهم فأفضى بهم الأمر إلى تضليل الخلق، ومن أول السلف، فاتسع الخرق عليهم إلى أن ضلوا وأضلوا أسأل الله العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة (١). (لو سكت) عما قاله وامتثل
(١) قلت: لقد نقل هذا الكلام الذى أورده المصنف وكلا من: على القارئ، وعبد الرءوف المناوى فى شرحيهما للشمائل، ورموا أئمة الحنابلة كابن تيمية بالضلال والإضلال، لا حول ولا قوة إلا بالله. إننا لو استقرأنا كتاب الله تعالى لوجدنا أن لفظ (اليد) جاء فى القرآن على ثلاثة أنواع: مفردا بِيَدِكَ اَلْخَيْرُ [آل عمران:٢٦]، ومثنى لِماخَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:٧٥]، وجمعا مِمّاعَمِلَتْ أَيْدِينا [يس:٧١]. فإذا ما رجعنا هذه الاستعمالات الثلاثة لليد نجد أن الله إذا ذكر اليد مثناة، فيضيف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد، ويتعدى الفعل بالباء إليهما أى إلى اليدين لِماخَلَقْتُ بِيَدَيَّ. وإذا ذكرها تعالى بصيغة الجمع أضاف العمل إلى اليد، والفعل يتعدى بنفسه لا بالباء مِمّاعَمِلَتْ أَيْدِينا. وفى حالة الجمع يكون معنى عملت أيدينا، أى عملنا نحن، وهو يساوى عملنا وخلقنا ورزقنا وغير ذلك، ومن الجائز أن يضاف الفعل إلى يد ذى اليد بدلا من أن يضاف إليه مباشرة وهو أسلوب معروف عند العرب، وهو كقوله عز وجل بِماقَدَّمَتْ يَداكَ [الحج:١٠١]، وفَبِماكَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:٣٠]، وأما إذا أضيف الفعل إليه تعالى ثم عدىّ الفعل بالباء إلى يده مثناة أو مفردة فهذا مما باشرته يده تبارك وتعالى ويشهد لما ذكرنا ما جاء فى حديث الشفاعة الطويل الذى فى البخارى عن أنس رضى الله عنه (١٣/ ٤٢٢)، فى قوله صلى الله عليه وسلم فى حق آدم وموسى عليهما السلام يقال لآدم: «أنت الذى خلقك الله بيده»، ولموسى: «أنت الذى اصطفاك الله بكلامه وكتب لك التوارة بيده». والمعنى هنا لا يقصد به =