للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليمان، قال: حدثنى رجل من بنى عباد، يقال له: عبد الوهاب بن يحيى بن عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة رضى الله عنها قالت:

«ما كانت الذّراع أحبّ اللّحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنّه كان لا يجد اللّحم إلا غبّا، وكان يعجل إليها، لأنّها أعجلها نضجا».

ــ

الأحاديث السابقة وغيرها أنه كان يحبه محبة غريزية طبيعية سواء فقد اللحم أم لا، وكأنها أرادت بذلك تنزيه مقامه الشريف أن يكون له ميل إلى شىء من الملاذ، وإنما سبب المحبة سرعة نضجها فيقل الزمن فى الأكل ويتفرغ لمصالح نفسه والمسلمين، وعلى الأول، فلا محذور فى محبة الملاذ بالطبع لأن هذا من كمال الخلقة، وإنما المحذور المنافى لكمال [التفاوت] (١) النفس ومناها فى تحصيل ذلك وتأثيرها لفقده، ومما كان يحبه صلى الله عليه وسلم الرقبة على ما ورد عن ضباعة بنت الزبير «أنها ذبحت شاة فأرسل إليها أن أطعمينا من شاتك، فقالت: ما بقى عندنا إلا الرقبة، وإنى لأستحى أن أرسل بها فقال لرسوله:

ارجع إليها فقال: أرسلى بها، فإنه هادية الشاة، وأقرب الشاة إلى الخير وأبعدها عن الأذى» (٢) أى فهى كلحم الذراع، والعضد أخفها على المعدة، وأسرع هضما، ومن ثمة ينبغى أن يؤثر من الغذاء ما كثر نفعها وتأثيره فى القوى وخف على المعدة، وكان أسرع انحدارا عنها، وهضما، لأن ما جمع ذلك أفضل الغذاء، وورد بسند ضعيف «أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره الكليتين لمكانهما فى البول» (٣)، (لأنها) أى الذراع وتأنيثها بكونها قطعة من الشاة. (أعجلها) أى اللحوم المفهوم من قوله: «لا يجد اللحم» لأنه مفرد محلى بأل فهو فى معنى الجمع.


(١) الزيادة من (ش). وما فى الأصل أنسب للسياق.
(٢) رواه أحمد فى مسنده (٦/ ٣٩٢).
(٣) ذكره الزبيدى فى إتحاف السادة المتقين (٦/ ١٩)، وقال: رواه ابن السنى فى الطب النبوى وسنده ضعيف. (٧/ ١٢١). وذكره الهندى فى كنز العمال (١٨٢١٦)، وعزاه لابن السنى فى الطب عن ابن عباس (٧/ ١١٠).

<<  <   >  >>