للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أتانا النّبىّ فى منزلنا، فذبحنا له شاة. فقال: كأنهم علموا أنّا نحب اللّحم».

وفى الحديث قصة.

ــ

عنزة حى من ربيعة. (فقال) أى النبى صلى الله عليه وسلم. (لهم) أى لجابر وأهل منزله. (كأنهم علموا أنّا) يحتمل أنها للجمع، أو للتعظيم. (نحب اللحم) أى فأضافونا به، وقصد بذلك تأنيسهم، وجبر خواطرهم دون إظهار الشغف باللحم والإفراط فى محبته، وفيه: إرشاد المضيف إلى أنه ينبغى له أن يثابر على ما يحبه الضيف إن عرفه، والضيف إلى أن يخبر بما يحبه، حيث لم يوقع المضيف فى مشقة. (وفى الحديث قصة)، هى «أن جابر فى غزوة الخندق قال: انكفأت إلى امرأتى، فقلت: هل عندك شىء، فإنى رأيت بالنبى صلى الله عليه وسلم جوعا شديدا؟ فأخرجت جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن أى شاة بينة فذبحتها أى: لنا، وطحنت أى: زوجتى الشعير حتى جعلنا اللحم فى البرمة، ثم جئته صلى الله عليه وسلم وأخبرته الخبر سرا له، وقلت: تعال أنت، ونفر معك، فصاح يا أهل الخندق: «إن جابرا صنع سورا» أى بسكون الواو بغير همز: طعاما يدعو إليه الناس، واللفظة فارسية فجئ هلا (١) بكم أى: هلموا مسرعين، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجىء، فجاء فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك [ثم قال: «ادع خابزة لتخبز معك، واقدحى» أى اغرفى. «من برمتكم ولا تنزلوها»، وهم ألف، فأقسم بالله! لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا] (٢) وإن برمتنا لتغطّ-أى تغلى ويسمع تغطيطها-كما هى، وإن عجيننا ليخبز كما هو» (٣) رواه البخارى ومسلم، ورويا أيضا (٤): «أن أبا طلحة عرف الجوع فى صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل له مع أنس أقراصا من شعير فوجده فى المسجد-أى المعد للصلاة فيه حين حاصره الأحزاب فى غزوة الخندق-قال: «أرسلك أبو طلحة»؟ قلت: نعم، فقال لمن معه: «قوموا»


(١) فى (أ): (فحيهلا).
(٢) ما بين [] ليس فى (ش):
(٣) رواه البخارى فى المغازى (٤١٠٢)، ومسلم فى الأشربة (٢٠٣٩).
(٤) رواه البخارى فى الصلاة (٤٢٢)، وفى المناقب (٣٥٧٨)، والأطعمة (٥٣٨١)، والأيمان والنذور (٦٦٨٨)، ومسلم فى الأشربة (٢٠٤٠)، وكذلك رواه الترمذى فى المناقب (٣٦٣٠)، ومالك فى الموطأ فى صفة النبى صلى الله عليه وسلم (٢/ ٩٢٧،٩٢٨)، وأحمد فى المسند (٣/ ١٤٧،٢٤٢)، والبغوى فى شرح السنة (٣٧٢١)، وأبو عوانة فى المسند (٥/ ٣٨٠)، والفريابى فى الدلائل (٦،٧)، وكذا أبو نعيم فى دلائله (٣٢٢)، واللالكائى فى الاعتقاد (١٤٨٣)، وابن حبان فى صحيحه (٦٥٣٤)، والبيهقى فى الدلائل (٦/ ٨٨،٨٩)، وفى السنن (٧/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>