للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٠٠ - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا محمد بن جعفر، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:

«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا».

ــ

كبوله صلى الله عليه وسلم قائما فى بعض الأحيان لا يقال النهى مطلق وشربه من زمزم تمّ، ومضى فلم تتوارد على محل واحد، لا نقول ليس النهى مطلقا، بل هو عام، والشرب من زمزم قائما من أفراده، فدخل تحت النهى، فوجب حمله أنه لبيان الجواز ولو سلمنا أنه مطلق، لكان محمولا على التقيد، فلم يفد المقيد غير الجواز أيضا، لا يقال النبى صلى الله عليه وسلم ميزه عن فعل المكروه، كالمحرم، فكيف يشرب قائما؟ لأنّا نقول شربه قائما لبيان الجواز، وهو واجب عليه، فلم يفعل مكروها، بل واجبا، وهكذا يقال فى كل فعل فعله لبيان الجواز مع نهيه عنه، أو عما يشمله، واعلم أن كلا من حديث نهيه وفعله المذكورين صحيح، وأن الجمع بينهما ما قررناه، وحيث أمكن الجمع بين حديثين، وجب المصير إليه، ودعوى النسخ ليست فى محلها، وتضعيف خبر النهى غير مسموع مع إخراج مسلم له، والاستدلال لعدم الكراهة بفعل الخلفاء الأربعة غير جائز على قواعد الأصوليين، مع أنه لا يقام ما صح عنه صلى الله عليه وسلم سيما فى الشرب قائما ضرر، ومن ثمة ندب الاستسقاء منه حتى للناس، لأنه يحرك خلطا يكون القىء دواءه، قال ابن القيم:

وللشرب قائما آفات منها: أنه لا يحصل به الرى التام، ولا يتسقر فى المعدة حتى يستقر الكبد على الأعضاء، وينزل بسرعة إلى المعدة، فيخشى منه أن يبرد حرارتها، ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن بغير تدريج، وكل هذا يضر بالشارب قائما، وعند أحمد عن أبى هريرة: «أنه رأى رجلا يشرب قائما [فقال له: قه] (١)، قال: لمه؟ أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال: لا، قال: قد شرب معك من هو شر منه، الشيطان» (٢).

٢٠٠ - (عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. (عن جده)


٢٠٠ - حسن: رواه الترمذى فى الأشربة (١٨٨٣)، بسنده ومتنه سواء، والإمام أحمد فى مسنده (٢/ ١٧٤، ١٧٨،١٨٠،١٨١)، من طرق عن عمرو بن شعيب به فذكره. وقال الترمذى: حسن صحيح. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(١) ما بين [] سقط من (أ)، وصحف فى (ش).
(٢) رواه أحمد فى مسنده (٢/ ٣٠١).

<<  <   >  >>