للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت الثالثة: زوجى العشنّق، إن أنطق أطلّق، وإن أسكت أعلّق.

قالت الرّابعة: زوجى كليل تهامة، لا حرّ ولا قرّ، ولا مخافة ولا سامة.

قالت الخامسة: زوجى إن دخل فهد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عمّا عهد.

ــ

منه شيئا، بل شرحته على أتم وجه، لكن بدقة لا تخفى على أولئك العرب العرباء، وكذا يقال فى التى بعدها فإنها جمعت كل العيوب فى قولها: العشنّق كما يعلم مما يأتى.

(العشنق) بمهملة فمعجمة مفتوحتين فنون مشددة فقاف: الطويل من غير نفع لسوء خلقه وسفهه وبلادته. (إن أنطق) بعيوبه. (أطلق) أى: يطلقنى لسوء خلقه، وأنا لا أحب الطلاق لأولاد لى منه، أو لاحتياجى إليه، أو لغير ذلك من الأعذار على أن محبة المرأة للطلاق من غير ضرورة، وصمة عظيمة فيها، فإن قلت: طلاق من ذكرت عيوب زوجها ليس فيه سوء خلق، بل هو شأن أهل المرؤة والمغيرة قلت: الكلام فى ذكر عيوب بحق لا تعلق لها بالدين أصلا، وح فالطلاق لذكرها محض سوء خلق. (وإن أسكت) عنها. (أعلق) أى علقنى فيتركنى لا عزبا ولا مزوجة فإن قلت: لا ملازمة بين سكوتها عن عيوبه وتركه لها معلق فكيف لازمت بينهما؟ قلت: لما بينت أنه جمع سوء الخلق والسفه والبلادة، علم بذلك أنه إنما يطلق بلا سبب يوجب الطلاق، وإما يتركها معلقة بلا سبب أيضا يوجبه أيضا فتركها معلقة ليس لازما لسكوتها بل له مع ما فى الزوج من تلك الصفات القبيحة فتأمله، وأعرض عما سواه، (كليل تهامة) قال الحافظ أبو موسى: هى تهامة مكة وما حواليها من الأغوار، وقال الأزهرى: وأول تهامة من ذات عرق إلى البحر وجدة، وقيل: هى ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة أى محاذاتها إذ الذى بين ذات عرق ومكة مرحلتان كما صرحوا به، وما وراء ذلك من الغرب فهو غور، والمدينة لا تهامية ولا نجدية؛ لأنها فوق الغور ودون النجد، وليل تهامة مشهور بالاعتدال وهو المقصود بوجه الشبه ومن ثمة عقبته بقوله: (لا حر ولا قر) بفتح القاف وضمها، أى ولا برد (ولا مخافة ولا سآمة) هذا من بقية أوصاف ليل تهامة الأعم من مكة، فلا يقال مكة لا مخافه فيها ولا سآمة فيها ليلا ولا نهارا، وهذا أبلغ من المدح، لأنها ما نفت عنه سائر أسباب الأذى، وأثبتت له جميع أنواع اللذة فى عشرته، ومنه أنه لا غائلة له تخاف لكرم أخلاقه، ولا قبيح يصدر منه فلا تسأم صحبته كما لا يسأم صحبتها، ويروى برفع الكل، وهو واضح، بل يجوز فيها بقية، الأوجه الخمسة فى: لا حول ولا قوة إلا بالله. (إن دخل فهد) بفتح فكسر فسكون وكنّت بذلك لما يقال

<<  <   >  >>