قالت السادسّة: زوجى إن أكل لفّ، وإن شرب اشتفّ، وإن اضطجع التفّ ولا يولج الكفّ ليعلم البثّ.
ــ
أنوم من فهد عن نومته وغفلته عن أهل بيته فلا يتأثر لما ذهب منها وهذا معنى (ولا يسأل عما عهد) وح ففى كلامها نوع تكرار فلذلك قال ابن أبى أويس: إنما كنّت بذلك عن أنه إذا دخل وثب عليها وثوب الفهد لإرادة جماعها أو ضربها، ولم يرتض ذلك فى القاموس فقال: نام وتغافل عما يجب تعهده، فأشبه الفهد فى تمدده ونومه، فإن القصد إلى المدح، فالمراد التغافل عما أضاعته المرأة بما يجب عليها تعهده تكرما وحلما، وإن كان إلى المذمة فالمراد: النوم والكسالة وعدم المبالاة بضبط أمور أهل بيته. (وإن خرج أسد) بفتح فكسر أيضا، إذا صار بين الناس وخالط الحرب كان فى فضل قوته وشجاعته كالأسد، وفى القاموس: وكفرح دهش من رؤيته وصار كالأسد وغضب وسفه، وح فكلاهما يحتمل المدح بإرادة شجاعته ومهابته، والذم بإرادة غضبه وسفهه، وظاهر سياق كلامها الأول: ولا يسأل عما تعهد، يحتملها ما يعنيها أى: لا يؤاخذ عليه إكراما وتغافلا وتكاسلا. (لف) أى أكثر من الطعام وخلط من صنوفه حتى لم يبق معه شىء.
(اشتف) استوعب جميع ما فى الإناء من الشفافة بضم الشين، وهى بقية الشراب يقال لمن شربها: اشتفها وتشافها، وهذا صريح فى ذمه، فكان الظاهر أن ما فيه كذلك كما ذكرته فاندفع ما قيل يحتمل أنها أرادت مدحه، بأنه فى غاية الكرم والتنعم بصنوف الأطعمة من غير أن يدخر منها شيئا مخافة الإملاق، (ولا يولج الكف ليعلم البث) قال أبو عبيدة: أحسب أنه كان بجسدها عيب، أو داء أحزنها وجوده بها إذ البث الحزن، فبذلك كان لا يدخل يده تحت ثيابها خوفا من حزنها بسبب مسه منها ما تكره اطلاعها عليه، وهذا وصف له بالمروءة وكرم الخلق، ورده ابن قتيبة: بأنها كيف تمدحه بهذا وقد ذمته فى صدر الكلام، وأجاب عنه ابن الأنبارى: بأنهن تعاهدن أن لا يكتمن شيئا من أخبارهن، فمنهن من تمحض قبح زوجها فذكرته، ومنهن من تمحض حسن زوجها فذكرته، ومنهن من جمع زوجها حسنا وقبحا فذكرتهما، وقال ابن الأعرابى: إنه ذم لأنها أرادت أنه يلتف فى ثيابه فى ناحية عنها ولا يضاجعها ليعلم ما عندها من محبته، وإلى هذا ذهب الخطابى وغيره، واختاره القاضى عياض، وقيل: البث المرض الشديد، أى إنه قليل الشفقة عليها حتى فى مرضها إذ لا يدخل يده ح تحت ثيابها ليعرف ما بها كما هو عادة الأصدقاء فضلا عن الزوجات، وقيل: البث باطن الشىء فهو متغافل عن