للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٧٨ - حدثنا زياد بن أيوب البغدادى، حدثنا محمد بن ربيعة، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبى سعيد الخدرى. قال:

«كان النّبىّ صلى الله عليه وسلم يصلّى الضّحى حتّى نقول لا يدعها، ويدعها حتّى نقول لا يصلّيها».

ــ

كان لا يقدم من سفره إلا نهارا وقت الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد أول قدومه، فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه، وسمى السفر بذلك لأنه يستلزم الغيبة عن الأهل والوطن، وقول شارح: إنها تاء التأنيث، مردود: بأن الذى فى الأصول المصححة الأول، وقولها هنا «لا» موافق لقولها: «ما صلى سبحة الضحى قط»، وإن خالفه فى «إلا» إلخ، «وإنى لأصليها» رواه الشيخان، ولما صح عنها «ما رأيته يصلى سبحة الضحى» فينافى قولها السابق: «نعم»، على ما قيل، وليس كذلك بل قولها «ثم نعم» محمول على أنها علمت منه، أو من غيره أنه كان يفعلها، وقولها هنا: «لا وما صلاها وما رأيته» محمول على نفى رؤيتها فحسب، ومما يرجحه أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعلها أحيانا ويتركها أحيانا كما يأتى، ولم يكن عند عائشة دائما، بل فى نوبتها، وهى يوم من تسعة أيام، وربما اشتغل فى يومها عنها، أو صلاها بالمسجد، فصدق قولها: «لا وما رأيته» باعتبار المشاهدة وقولها:

«نعم» باعتبار العلم، قيل: وقولها السابق: «ما رأيته يصليها ينازع من جعل من خصائصه أنها واجبة عليه، ورواية الدارقطنى «أمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها» (١) ضعيف، ويرد: بأن الذى من خصوصياته كما صرحوا به أصل صلاتها لا تكريرها كل يوم.


٢٧٨ - (حتى نقول. . .) إلخ بان بهذا أنه صلى الله عليه وسلم كان يتركها أوقاتا ويفعلها أخرى، مخافة أن يعتقد الناس وجوبها لو واظب عليها. فائدة: من فوائد صلاة الضحى أنها تجزئ عن الصدقة التى تصبح على مفاصل الإنسان الثلاثمائة والستين مفصلا كما أخرجه مسلم وفيه؛ «وتجزئ عن ذلك ركعتى الضحى»، وحكى الحافظ أبو الفضل الزين العراقى: أنه اشتهر بين العوام: أنه من يقطعها يعمى فصار كثير منهم لا يتركها لذلك، وليس لما قالوه أصل، بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على نفوسهم ليحرمهم الخير الكثير، لا سيما إجزاؤها عن تلك الصدقة وروى الحاكم: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلى الضحى
(١) رواه الدارقطنى (٤٢) (٤/ ٢٨٢)، بلفظه والطبرانى فى الكبير (١١٨٠٣،١٢٠٤٤) (١١/ ٣٠١،٣٧٣).

<<  <   >  >>