للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك، قال:

حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رثّ وعليه قطيفة لا تساوى أربعة دراهم فقال:

«اللهمّ اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة».

٣٢٠ - حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عفان، أخبرنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، قال:

«لم يكن شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وكانوا إذا رأوه لم

ــ

قيل، ويحتمل رجوع الضمير للرحل، بل السياق هنا، وفى الحديث الآتى آخر باب التواضع يدل عليه. (قطيفة) هى كساء له خمل وهى الخيوط بطرفه المرسلة من السدى من غير لحمة عليها. (ولا سمعة) هذا من عظيم تواضعه إذ لا يتطرق السمعة إلا لمن حج على المراكب النفيسة والملابس الفاخرة، وأما من تمن تمثيل حاله صلى الله عليه وسلم فلا يتطرف إلى حجه شىء من ذلك، والرياء: العمل لغرض مذموم كأن يعمل ليراه الناس، والسمعة: أن يعمل ليسمع الناس عنه بذلك، فيكرموه بإحسان، أو مدح أو تعظيم جاهه فى قلوبهم، وكل ذلك موجب للفسق، ومحبط لثواب العمل، فإن عمل لذلك بأن قصد بوضوئه التبرد مثلا، قال ابن عبد السلام: لا ثواب له أيضا قال تعالى فى الحديث القدسى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيرى، فأنا منه برىء هو للذى أشرك» (١)، وقال الغزالى: إن غلبه باعث الأخيرة أثيب، وإلا فلا وبينت فى حاشية مناسك النووى الكبرى أن الذى دل عليه كلام الشافعى والأصحاب: أنه حيث خلى عن قصد محرم أثيب بقدر قصده للعبادة.

٣٢٠ - (أحب) قيل: هذا مشكل لأن الأحبية لا تقتضى القيام، لأن الولد أحب من


= (٢/ ٤٤٠،٤٧٥،٥٠٨)، والبيهقى فى السنن (٦/ ٧٦)، والطيالسى (٢٣٩٠)، والحاكم فى المستدرك (٢/ ٢٦،٢٧).
٣٢٠ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الأدب (٢٧٥٤)، بسنده ومتنه سواء، ورواه أحمد فى المسند (٣/ ١٣٢)، والبخارى فى الأدب المفرد (٩٤٦)، وأبو الشيخ فى أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم (ص ٦٣)، ثلاثتهم من طريق حماد بن سلمة به فذكره نحوه.
(١) رواه مسلم فى الزهد (٢٩٨٥).

<<  <   >  >>