للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: كان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأهله،

ــ

القصر والمد. (جزّأ دخوله) أى زمان دخوله. (جزء لله) أى يستفرغ فيه وسعه للعبادة والفكر. (وجزء لأهله) أى يعاشرهم فيه ويتألفهم، لما أنه كان حسن المعاشرة معهن، ومن ثم صح: «أنه كان يرسل لعائشة بنات الأنصار يلعبن معها، وأنها إذا شربت من إناء أخذه فوضع فمه على موضع فمها وشرب، وأنه كان يتكئ فى حجرها، ويقبلها وهو صائم، وأنه كان يريها الحبشة-أى: لعبهم فى المسجد-وهى متكئة على منكبه، وهو يقول لها: أشبعت وهى تقول له: لا لا» (١) وروى أبو داود: «أنه صلى الله عليه وسلم سابقها فى سفر على رجلها فسبقته، قالت: فلما حملت اللحم سابقته فسبقنى، قال: هذه بتلك» (٢) وكانوا يوما عنده صلى الله عليه وسلم فى بيتها، فأتى بصحفة خبز ولحم من بيت أم سلمة، فوضعت بين يديه فقال: «ضعوا أيديكم فأكل وأكلوا، وعائشة تصنع طعاما أعجلته، فوارت الصحفة التى أتى بها فلما فرغ ما فيها، جاءت بطعامها فوضعته، ورفعت تلك فكسرتها فقال صلى الله عليه وسلم: كلوا غارت أمكم، ثم أعطى صحفتها أم سلمة فقال: طعام مكان طعام وإناء مكان إناء» (٣) رواه الطبرانى، ورواية البخارى: «فضربت به الخادم فسقطت الصحفة، وانقطع فجمع صلى الله عليه وسلم ثلثها، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذى كان فى الصحفة، ويقول: غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التى هو فى بيتها، فدفع الصحفة إلى التى كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة فى بيت التى كسرت» (٤).

وعند أحمد وغيره عن عائشة: «ما رأيت صانعة طعاما مثل صفية، أهدت للنبى صلى الله عليه وسلم إناء من طعام فما ملكت نفسى أن كسرته فقلت: يا رسول الله؛ ما كفارته؟ فقال: إناء كإناء وطعام كطعام» (٥)، وفى رواية: «فأخذتها من بين يديه فضربت بها الخادم وكسرتها فقام


(١) رواه أحمد فى مسنده (٤/ ٢٣٦).
(٢) رواه أبو داود فى الجهاد (٢٥٧٨)، وأحمد فى مسنده (٦/ ٣٩،٢٦٤)، والبيهقى فى السنن الكبرى (١٠/ ١٨)، والطحاوى فى مشكل الآثار (٢/ ٣٦٠).
(٣) رواه النسائى فى عشرة النساء (٧/ ٧١)، وذكره الهندى فى كنز العمال (١٨٦٦٣)، وعزاه لابن أبى شيبة (٧/ ٢١٠).
(٤) رواه البخارى فى النكاح (٥٢٢٥)، وأبو داود فى البيوع (٣٥٦٧)، والنسائى فى عشرة النساء (٧/ ٧٠)، وابن ماجه فى الأحكام (٢٣٣٤)، وأحمد فى مسنده (٣/ ١٠٥)، والبيهقى فى السنن الكبرى (٦/ ٩٦).
(٥) رواه أبو داود فى البيوع (٣٥٦٨)، والنسائى فى عشرة النساء (٧/ ٧١)، وأحمد فى مسنده =

<<  <   >  >>