٣٣٢ - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبى
ــ
للتمنى. (يدع هذه الصفرة) الظاهر أن ذلك الأثر لم يكن محرما، وإلا لم يؤخره صلى الله عليه وسلم أمره بتركه إلى مفارقته للمجلس، فزعم بعضهم: أن غضبه صلى الله عليه وسلم عند انتهاك المحارم لا ينافى تفويضه لغيره، والأمر بإزالتها، وإن أدى إلى ترافيها غفلة عن كلام الأئمة فى بحث الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر أنه يجب على القادر إزالة المنكر فورا بلسانه، أو بيده، ولا يجوز له أن يستنيب غيره فى ذلك إن أدت إلى الاستنابة تأخير ذلك المنكر ولو حظة، وهو صلى الله عليه وسلم قد سمع كلام هذا الرجل، ولم يأمرهم أن يقولوا له: أزل هذا، إلا بعد قيامه من المجلس، فأخّر الإزالة إلى انقضاء المجلس، وهذا لا يقوله إلا جاهل بالفقه وقواعده، فتعين ما ذكرته، أن ذلك الأثر الذى كان عليه لم يكن محرما، ويؤيد ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى على عمرو بن العاص ثوبين معصفرين أمره فورا بإزالتهما، فإن قلت: لم أمر هنا عمرا ومن ثمة أقامهم فى ذلك؟ قلت: بالتقرر أن عمرا عليه المحرم بخلاف ذلك الرجل، وبفرض عدم تحريم المعصفر الذى قال به كثيرون فوجهه: أن عمرا يفرح بذلك ويبادر إلى امتثاله، وذلك الرجل لعله كان قريب عهد بالإسلام، فخشى عليه أن يأمره بإزالة ما عليه ففوضه لغيره، لا على وجه الإلزام به، وهذا مما يصرح أيضا به لم يكن محرما، وقول بعضهم: إنما كره الصفرة، لأنها علامة لليهود، ومخصوصة بهم، ليس فى محله، لأن جعل الصفرة علامة لهم إنما حدثت فى بعض البلاد كمصر منذ زمن قريب، ففى الأوائل للجلال السيوطى: أول من أمر بتغيير أهل الذمة زيهم المتوكل، وفى السكردان لابن أبى حجلة: لبس النصارى العمائم الزرق، واليهود العمائم الصفر، والسامرة العمائم الحمر سنة سبع ومائة، وسبب ذلك: أن مغربيا كان جالسا بباب القلعة عند بيبرس الحاسنكرد سلام فحضر بعض كتاب النصارى بعمامة بيضاء، فقام له المغربى، وتوهم أنه مسلم، ثم ظهر أنه نصرانى، فدخل للسلطان الملك، الناصر محمد بن قلاوون يفاوضه فى تغيير زى أهل الذمة، ليمتاز المسلمون عنهم، فأجابهم لذلك انتهى.
٣٣٢ - (الجدلى) يفتح الجيم والدال المهملة، نسبة إلى جديلة قبيلة. (فاحشا) ذا
٣٣٢ - صحيح: رواه المصنف فى البر والصلة (٢٠١٦)، بسنده ومتنه سواء، ورواه الإمام أحمد فى مسنده (٦/ ١٧٤)، وأبو داود الطيالسى فى مسنده (١٥٢٠)، كلاهما من طريق شعبة به فذكره.