للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«جاء سلمان الفارسىّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب، فوضعها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا سلمان، ما هذا؟ فقال: صدقة عليك وعلى أصحابك. فقال: ارفعها، فإنّا لا نأكل الصّدقة. قال: فرفعها.

فجاء الغد بمثله، فوضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما هذا يا سلمان؟ فقال: هديّة لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ابسطوا. ثمّ نظر إلى الخاتم على ظهر رسول الله فآمن به.

وكان لليهود، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهما، على أن يغرس لهم نخلا، فيعمل سلمان فيه حتّى تطعم.

فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النّخل، إلاّ نخلة واحدة غرسها عمر. فحملت النخل من عامها، ولم تحمل النّخلة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأن هذه النخلة؟ فقال عمر: يا رسول الله، أنا غرستها.

فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرسها، فحملت من عامها».

ــ

هو أبو عبد الله يعرف بسلمان الخير مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن نسبه فقال: أنا ابن الإسلام، وسئل على رضى الله عنه: علم العلم الأول والعلم الآخر وهو بحره ينزف، وهو من أهل البيت. قال أبو نعيم: أدرك عيسى عليه السلام، وقرأ الكتابين، وكان عطاؤه خمسة آلاف يفرقه، ويأكل من كسب يده، يعمل الخوص، وله مزّية فى الزهد، فإنه مع طول عمره المستلزم لزيادة الحرص والأمل كما أخبره صلى الله عليه وسلم لم يزدد إلا زهدا.

(بمائدة) باؤه للتعدية جاء وجعلها للمصاحبة بعيدة، وهو خوان عليه به طعام، وإلا لم يسم مائدة كما فى الصحاح (١). (عليها رطب) لا ينافيه الرواية الصحيحة: «أنه احتطب


(١) قال القارئ فى «جمع الوسائل» (١/ ٧٩): قال صاحب المحكم: المائدة نفس الخوان، وقال العسقلانى: قد تطلق المائدة على كل ما يوضع عليه الطعام، لأنها مما تميد، أى: تتحرك، ولا تختص بوصف مخصوص، أى ليس بلازم أن تكون خوانا اه‍. وانظر: الصحاح للجوهرى (٢/ ٥٤١).

<<  <   >  >>