للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حطبا فباعه، ثم صنع به طعاما، وأتى به النبى صلى الله عليه وسلم» (١) فى رواية إسنادها جيد: «ذلك الطعام أنه لحم جزور، وثريد فى القصعة» (٢) ولا الرواية الضعيفة: «أنه جاء بتمر» (٣) لاحتمال تعدد الواقعة. (ما هذا؟) أى الرطب إذ هو المقصود ولا المائدة فمن ثم لم يقل ما هذه. (ارفعها) أى عنى فلا ينافى رواية أحمد والطبرانى أنه قال لأصحابه: «كلوا وأمسك يده» (لا نأكل) أراد نفسه، وقرابته من مؤمنى بنى هاشم والمطلب (الصدقة) أى الزكاة، ومثلها كل واجب، ككفارة، ونذر، ولحرمة ذلك عليه وعليهم، فإنه أريد بها ما يعم المندوبة أيضا، كانت النون للتعظيم، لحرمة صدقة التطوع عليه دون قرابته، وزعم أن الامتناع عن الأكل لا يدل على التحريم، لأن الأصل فيه ذلك. (فجاء) سلمان (بمثله) أى برطب على مائدة. (ابسطوا) أى: أيديكم أى: مدوها لتناول ما جاء به، وهو بضم الهمزة، وفى بعض النسخ: «انشطوا» من النشاط (فآمن به) لما رأى من انطباق أوصافه المذكورة فى التوراة عليه. (وكان) حال من فاعل آمن. (فاشتراه) أى كاتبه، أى كان سببا لكتابة سيده اليهودى له بذلك، حتى وفاه النبى صلى الله عليه وسلم. (بكذا وكذا درهما) قيل: أربعون أوقية من فضة، وقيل: من ذهب، والأوقية كانت إذ ذاك:

أربعون درهما (فيعمل) الظاهر أنه بالنصب، ليفيد أن عمله من جملة بدل الكتابة، وما قيل: قد يروى رفعه، فيكون عمله تبرعا، ففيه نظر ظاهر (فيه) ذكره نظرا إلى ظاهر اللفظ حتى تطعم-بالبناء للفاعل، أى يدرك ثمر من أطعم النخل أدرك ثمره، وروى


(١) رواه الإمام أحمد فى «المسند» (٥/ ٤٣٨،٤٤٠)، وابن أبى شيبة فى «المسند» (٤٦٨)، بتحقيقنا، وفى «المصنف» (١٤/ ٣٢١)، والطبرانى فى «الكبير» (٦١٥٥)، (٦/ ٢٥٩)، من حديث سلمان رضى الله عنه، وذكره الهيثمى (٨/ ٢٤١): ورجاله ثقات.
(٢) و (٣) قال الملا على القارئ (١/ ٧٩): قال العراقى فى «شرح تقريب الأسانيد»: اعلم أن ظاهر هذه الرواية أن ما أحضره سلمان كان رطبا فقط، وروى أحمد والطبرانى بإسناد جيد من حديث سلمان نفسه أنه قال: فاحتطبت حطبا فبعته فصنعت طعاما، فأثبت به النبى صلى الله عليه وسلم، وروى الطبرانى أيضا بإسناد جيد: فاشتريت لحم جزور بدرهم ثم طبخته، فجعلت قصعة ثريد فاحتملتها على عاتقى ثم أتيت بها ووضعتها بين يديه، فلعل المائدة كان فيها طعام ورطب، وأما ما رواه الطبرانى من حديث سلمان أيضا أنها تمر فضعيف. قلت-أى القارئ-: ولا مانع من الجمع بين الثلاثة لو صحت الرواية، ولعل الاكتفاء بالرطب فى هذا الحديث لأن معظم الطعام كان رطبا، وأما قول ابن حجر-أى المصنف-لاحتمال تعدد الواقعة فبعيد جدا لما سيأتى من أنه جاء الغد بمثله اهـ‍.

<<  <   >  >>