للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} (١).

فإذا اتبع الخلفاء الراشدون ذلك، واتبع المسلمون من بعدهم هذه النصوص، فلا يقال إن أحدًا يفرض على المسلم انتماءً من عنده، فكما أن الخلق لله فالحلال والحرام من عند الله القائل: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} (٢).

سادسًا: وأخيرًا فقد تناسى الماديون والشيوعيون أن نظريتهم تؤدي إلى إنكار وجود سلعة بغير ثمن أو مقابل، حيث لا يوجد إله يرزق الناس بغير ثمن كما يزعمون، والواقع يكذب ذلك، فقد خلق اللهُ الهواء والماء ليكونا من المنافع المشاعة مجانًا للجميع من إنسان أو حيوان أو نبات، ولأنها خلق الله فلا مجال لاحتكارها، حتى لا يتحكم مخلوق في خلق الله، حيث يتوقف عليها استمرار الحياة، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي المَاءِ وَالكَلَأِ وَالنَّارِ».

لما كان ذلك:

فإن من السذاجة أن يشيع أتباع هذه الاتجاهات الخاطئة أن الثقافة ترتبط بإنكارهم الرسل والرسالات، وأنهم الطليعة المثقفة في وطنهم.

وإنه من الخديعة والمغالطة أن تقتصر المؤتمرات الثقافية على هؤلاء ... ومن والاهم أو رضي بكفرهم بالله ورسوله، وأن تصدر منهم قرارات في شكل الإجماع والأغلبية المطلقة ثم ينسب جذورها إلى المثقفين الغائبين عن هذه المؤتمرات. وهي بإجماع الملاحدة فقط.

وصدق الله تعالى إذ يقول: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} (٣) (٤).


(١) [الرعد: ١٦].
(٢) [الأعراف: ٥٤].
(٣) [غافر: ٨٢ - ٨٥].
(٤) نشر في " السياسة " في ٣٠/ ٥ / ١٩٨٦.

<<  <   >  >>