للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأثرًا وتأثيرًا».

ولا شك أن هؤلاء المؤتمرون يعلمون أن اليهود هم الذين دفعوا بعض الفلاسفة من أتباعهم، لينشروا نظرية نسبية القيم وغيرها من النظريات التي تسبب الخلافات وتشتت جهود الأمم، فظهرت نظريات (داروين) و (دوركايم) و (فرويد) واتبعها من اتبعها منا ظَنًّا أنها نظريات علمية، والعلم منها براء.

فالقيم الدينية سواء في الإسلام أو غيره من الأديان السماوية، لا يمكن أن تختلف باختلاف الزمان والمكان، فما كان الكذب رذيلة في عصر نوح ثم أصبح فضيلة في عصر (ميكيافيلي)!.

والسرقة لم تكن ولن تكون فضيلة! والفحش والدنس والانحراف الجنسي لم يكن مذمومًا ثم أضحى محمودًا!.

إن الأديان تضع المناهج للنفس الإنسانية، وهذه النفس لم تتغير منذ الخليقة، فالذي يتغير هو وسائل حياة الإنسان ومعايشه، وهذه تركها الإسلام للناس ينظمونها حسب علومهم وتجربتهم، فروى " مسلم " عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ».

إن القول بأن القيم تتغير أو تتطور مع الزمن، يؤدي إلى أن يرتبط الدين بسدنة وكبراء كل عصر حتى تكون بقية الشعوب عبيدًا لهم ويتبعونهم ويقلدونهم.

لقد جاءت الأديان لتحطم هذا المعتقد وهذا السلوك وتحرر الناس من هذه التبعية.

وقد وصف الله تبرؤ الجماهير من هؤلاء القادة، فقال تعالى حاكيًا على لسانهم: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (١).

إن المناداة بتطوير القيم الإسلامية هدف من أهداف أعداء الإسلام، لتكون تبعًا لهم في السلوك والأخلاق والتقاليد، كما صرحوا في كتبهم، وهذا من شأنه أن نظل مستضعفين مهزومين في كل شيء. فهل أراد المؤتمرون ذلك؟.

ثم إن القول بتطوير القيم الإسلامية يؤدي إلى أن يكون هناك إسلام ماركسي وإسلام رأسمالي، وأن يكون لدعاة الجنس إسلام، وللمصريين إسلام وللعراق غيره وهكذا. فهل


(١) [الأحزاب: ٦٧، ٦٨].

<<  <   >  >>