للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذا الرأي وأخذ بهذا الرأي صاحب الاختيار من أئمة المذهب الحنفي». وقال: «إن ذارع المرأة في غير الصلاة ليس بعورة». ثم قال: «وتغطية الوجه بصورة النقاب فهذا ما لا يعرف له أصلاً في الإسلام .. إن هذا النقاب إذا اصطنعته امرأة على أنه ضرب من حرية الإنسان في اختيار الملابس التي يختارها وليس على أنه حكم شرعي فنحن لا ننازع في ذلك ولا نتدخل في حرية الإنسان في اتخاذ أي ملابس يلبسها».

والجواب على ذلك هو:

١ - إن القول بكشف الذراعين ليس منسوبًا للتابعين بل نقل ابن جرير الطبري: ١٨/ ٨٤ ذلك عن النبي في أسلوب يضعف الحديث ونص الحديث: «" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُخْرِجَ يَدَهَا إِلاَّ إِلَى هَاهُنَا "وَقَبَضَ نِصْفَ الذِّرَاعِ». وهذا من رواية قتادة وهي رواية سندها منكر (" حجاب المرأة " للألباني). وبالتالي فلا تعتبر سندًا في الحكم ولا عبرة لنقل هذا عن بعض التابعين أو من جاء بعدهم لبطلان الحكم تبعًا لبطلان السند.

٢ - أما تحديد (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) بنص شرعي فقد ورد قول النبي لعائشة: «" إِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ المُسْلِمَةِ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا " وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ».

أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ": ٥/ ١٣٧ برواية الطبراني في " الكبير " و " الأوسط ".

٣ - قول الشيخ سعد: إن النقاب بدعة ولم يؤثر عن الصحابة وما ارتدته من باب الحرية (الموضة) يكون مقبولاً، أما من باب الحكم الشرعي فلا.

هذا القول يخالف ما كان عليه صحابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تفسيرهم لقول الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]. منهم من قال: إن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان. قال الطبري: «هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ». والحديث السابق حجة في هذا.

ولكن من الصحابة عبد الله بن مسعود قال: هي الرداء والثياب على ما كان عند نساء العرب من القناع فما يبدو من أسفل الثياب فلا حرج منه.

ومن الفقهاء من استدل بقول الله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (١). ولكن هذا الحكم خاص بزوجات النبي كما هو ظاهر من الآيات السابقة واللاحقة لهذا النص، وأيضًا لحديث عائشة بالعفو عن الوجه والكفين ومع هذا فإن من قالوا بالنقاب ليسوا مبتدعين، ولا يجوز أن نرميهم بالابتداع في الدين ولا أن يقال إن


(١) [الأحزاب: ٥٣].

<<  <   >  >>