للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطالبة بمساهمة الجماعات الدينية في تصريف الشؤون العامة للبلاد بالقول أو الفعل من خلال الأحزاب أو الصحافة أو النقابات أو غيرها، نوعًا من التطرف أو يمزق الوحدة الوطنية؟ لماذا يحرم المتمسك بدينه من حقوق المواطن؟

إن مثل هذه المقولة والواردة في المقال تصادم حقائق وبديهيات منها:

١ - أن التطرف حسبما عرفه الدكتور (زكي نجيب محمود) في مقاله بـ " الأهرام " في ١١/ ١١ / ١٩٨٥ يكون «باتخاذ الإرهاب وسيلة لإرغام الخصوم، وهذا لا يلجأ إليه إنسان واثق بنفسه وعقيدته وإنما يلجأ إليه من به ضعف في أي صورة من صوره».

والتطرف في " القاموس المحيط ": «هو تجاوز حد الاعتدال في المسألة»، فأين الإرهاب هنا يا قومنا. ولماذا تخشون تقديمهم للمحاكم المختصة قانونًا؟.

٢ - إن التطرف قائم في جميع بلاد العالم ولا يقتصر على بعض الجماعات الإسلامية، وعلاج هذا التطرف لا يكون بالحرمان من الحقوق كما هو الشأن في قانون الأحزاب رقم ٤٠ سنة ١٩٧٧ والذي يستند إليه الدكتور (فهمي هويدي) في صفحة الرأي بـ " الأهرام " بتاريخ ٢٠/ ٥ / ١٩٨٦: «إن القيود الموضوعية على شرعية العمل الإسلامي تصنف جميع الممارسات في مربع اللاشرعية، وتفرض حالة من الظلام والتعتيم وهي البيئة الطبيعية لنمو الأفكار المتطرفة ... وبالديمقراطية الحقيقية تطرح كل التيارات والأفكار بضاعتها في النور، ويجد كل اتجاه مكانه في المسيرة والشباب في المقدمة».

٣ - إن وجود تيارات إسلامية داخل الأحزاب السياسية القائمة أو من خلال أحزاب إسلامية لا يمكن أن يؤدي إلى نقض عُرَى الوحدة الوطنية، فالتيارات غير الإسلامية لها جماعات وأحزاب وصحف، ولا يعترض الإسلاميون على ذلك ولا ينبغي لهم على الرغم من حرمانهم من هذه الحقوق وهم يشكلون الأغلبية، فلماذا تصبح ممارسة هؤلاء وهم أقليات، أمرًا مشروعًا ولا يناقض الوحدة الوطنية وتكون مطالبة أصحاب الأغلبية بنفس الحقوق نوعًا من اللامشروعية أو تكون هدمًا لعرى الوحدة الوطنية؟ إنها الميكيافيلية بعينها وهي غاية صهيونية.

٤ - إن جوهر الرسالة الإسلامية والذي تطالب به الجماعات الدينية هو احترام الدستور لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا لا يتعارض مع معتقدات المسيحيين الواردة في الإنجيل لأنه لم ينظم أحكام المعاملات والعقوبات، وبالتالي فهم يخضعون لما تخضع له

<<  <   >  >>