للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقصر حق النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على بعض أشخاص تعينهم وزارة الأوقاف ثم يسمون برجال الدين أمر يخالف الإسلام والدستور وكل المبادئ الإنسانية. وهذا الحق وهو النصيحة مكفول للجميع ولا يقتصر على الوعاظ الرسميين، فما بالنا وهؤلاء الوعاظ تصدر لهم التعليمات لمباركة كل ما يصدر عن الحزب الحاكم بغض النظر عن موافقته للدستور من عدمه، وعن مناهضته للدين والأخلاق من عدمه، حتى نص القانون على تحريم بعض الوعاظ لنقدهم لأي قانون في البلاد، ويدخل في ذلك القوانين التي تحمي الربا وتبيح تحريم الزنا، وفي ذلك مصادرة على أبسط الحقوق الإنسانية، ومناهضة النظام الديمقراطي الذي يخول نواب الشعب حق سن التشريعات وحق محاسبة الوزراء والمسؤولين واستجوابهم، فإذا لم يسمع هؤلاء وغيرهم كلمة الحق والنصيحة الخالصة فيما يشوب التشريعات من أخطاء وثغرات وذلك للعمل على تعديلها بالطرق القانونية.

إذا لم يسمعوا هذه النصيحية تنفيذًا لهذا القانون، فيكون أمر الحكومة الدينية في أوروبا قد عاد من جديد في ثوب تنكري خداع، ينطوي على عصمة كل ما يصدر عن الحزب الحاكم فهو وصكوك الغفران سواء.

٤ - إن قيام البعض بتجريح الأشخاص لا يقتصر على المنابر، بل إن الصحافة أكثر تأثيرًا وانتشارًا، ولم يقل أحد بمنع فئات من الكتابة في الصحف لاحتمال صدور هذا منهم أو إثارتهم للفتنة، ولكن الدكتور يضفي شرعية لهذا الإجراء الخاطئ بأنه سد لذريعة إثارة الفتنة وتجريح الأشخاص، وهو نفس الاتهام الذي يوجه إلى صحيفة " الوفد " من الصحف القومية فيما تقوم به من نقد للإصلاح. فهل يعطي هذا شرعية بإصدار قانون لسحب ترخيصها أو منع رئيس تحريرها من الكتابة؟ أم يحال المخالف إلى القضاء؟

وختامًا ... فكان الأولى للكاتب الكبير وبصحيفته أن تمتد مطالبتهما بالحريات إلى حرية الجماعات الإسلامية في ممارسة ما كفله الدستور لغيرها لأن الجميع يشتركون في صفة المواطنة (١). إن هذا يقوم به رئيس التحرير الأستاذ (مصطفى شردي)، ومدير التحرير الدكتور (جمال بدوي) وكذا الأستاذ الدكتور (محمد عصفور).


(١) نشر بـ " المجتمع " يوم ١٩/ ٨ / ١٩٨٦ حيث لم تنشره " الوفد ".

<<  <   >  >>