للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفكر اليهودي والميكيافيلي الذي يزعم أن الغاية تبرر الوسيلة، فكر مضلل؛ لأن الغاية الشريفة لا يمكن أن تخدمها إلا وسيلة شريفة، ولهذا فإن جواب الإسلام عن تلك التي تزني وتتصدق هو: «لَيْتَهَا مَا زَنَتْ وَمَا تَصَدَّقَتْ».

إن (دوركايم) وغيره ممن جعلناهم فلاسفة لعلم الاجتماع، قد دفعت بهم اليهودية ليضللوا البشرية، ومن ثم خرجوا على الناس بما يسمى بنظرية «نسبية القيم».

وهذه النظرية اليهودية، ترجع إلى مبدأ أساسي في الفكر اليهودي وهي أن اليهود غير ملزمين باتباع الاخلاق مع غيرهم. وفي هذا قال اللهُ عنهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (١). وهذا هو الوارد في مخططهم السري. فالبروتوكول الأول من " بروتوكولات حكماء صهيون " جاء به: «مِنْ خِلاَلِ الفَسَادِ الحَالِيِّ الذِي نَلْجَأُ إِلَيْهِ مُكْرَهِينَ سَتَظْهَرُ فَائِدَةُ حُكْمٍ حَازِمٍ يُعِيدُ إِلَى بِنَاءِ الحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّةِ نِظَامَهُ الذِي حَطَّمَتْهُ التَّحَرُّرِيَّةُ.

إِنَّ الغَايَةَ تُبَرِّرُ الوَسِيلَةَ، وَعَلَيْنَا ـ وَنَحْنُ نَضَعُ خِطَطَنَا ـ أَلاَّ نَلْتَفِتَ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ وَأَخْلاَقِيٌّ».

وفي البروتوكول الثاني ما نصه: «وَالأُمَمِيُّونَ (غَيْرُ اليَهُودِ) لاَ يَنْتَفِعُونَ بِالمُلاَحَظَاتِ التَّارِيخِيَّةِ [المُسْتَمِرَّةِ بَلْ يَتَّبِعُونَ نَسَقًا نَظَرِيًّا مِنْ غَيْرِ تَفْكِيرٍ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ نَتَائِجُهُ]. وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَسْنَا فِي حَاجَةٍ إِلَى أَنْ نُقِيمَ لِلأُمَمِيِّينَ وَزْنًا .... دَعُوهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذِهِ القَوَانِينَ النَّظَرِيَّةَ التِي أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ بِهَا إِنَّمَا لَهَا القَدَرَ الأَسْمَى مِنْ أَجْلِهِمْ ... وَبِمُسَاعَدَةِ صَحَافَتِنَا تَزِيدُ ثِقَتُهُمْ العَمْيَاءَ بِهَذِهِ القَوَانِينِ».

وعلى ذلك فإن الذين ينادون بالتمسك بنمط السلوك والمناهج الموروثة عن السلف الصالح لا يمكن أن يوصفوا بالرجعية، من ذا الذي يجرؤ أن يصف الأنبياء وأتباعهم بالرجعية، إلا أن يكون جاهلاً.

وإذا افترضنا جدلاً أن كل إحياء لفكر سابق هي عودة إلى الماضي، فإن الماضي ليس فيه عيب ولا تتوارى منه طالما أنه من التشريعات والمناهج التي تحكم السلوك والغرائز؛ لأن هذه لا تتغير بتغير الزمان والمكان. وتحديد طبيعة الخير والشر أو الحق والصواب فهذا يخرج عن اختصاص البشر ووظائفهم، لأن الناس إنما يحكمون على الأشياء عن طريق الحواس الخمس، وبالتالي فإن كل ما خرج عن هذه الدائرة لا يستطيع الإنسان أن يضع فيه حكمًا سديدًا، بل يتخبط بالتجارب، تارة يصيب وكثيرًا ما يخطئ.


(١) [آل عمران: ٧٥].

<<  <   >  >>