للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوده وينكر آياته، أو يعبد غيره، ويشرك به سواه، هو مستسلم من حيث فطرته التي فطر عليها.

إذا أدركت هذا فتعال ننظر في أمر الإنسان، فستجد أن الإنسان يتنازعه أمران: الأول: الفطرة التي فطر الله عليها الإنسان من الاستسلام لله، ومحبة التعبد له والتقرب إليه، ومحبة ما يحبه الله من الحق والخير والصدق، وبغض ما يبغضه الله من الباطل والشر والجور والظلم، وما يتبع ذلك من دواعي الفطرة من محبة المال والأهل والولد، والرغبة في الأكل والشرب والنكاح، وما يتطلبه ذلك من قيام أعضاء الجسم بوظائفها اللازمة لها.

الثاني: مشيئة الإنسان واختياره، وقد أرسل الله إليه الرسل، وأنزل الكتب ليميز بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخير والشر، وأمده بالعقل والفهم ليكون على بصيرة في اختياره، فإن شاء سلك طريق الخير فقاده إلى الحق والهدى، وإن شاء سلك سبل الشر فقادته إلى الشر والبوار.

فإذا نظرت إلى الإنسان باعتبار الأمر الأول وجدته مجبولا على الاستسلام، مفطورا على التزامه ولا محيد له عنه شأنه شأن غيره من المخلوقات.

وإذا نظرت إليه باعتبار الأمر الثاني وجدته مختارا يختار ما يشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>