٦ - أن الله - سبحانه - خلق آدم - عليه السلام - وذريته من تركيب قابل للخير والشر، ومستلزم لداعي الشهوة والفتنة، وداعي العقل والعلم، فإنه - سبحانه - خلق فيه العقل والشهوة، ونصبهما داعيين بمقتضياتهما ليتم مراده، ويظهر لعباده عزته في حكمته وجبروته، ورحمته وبره ولطفه في سلطانه وملكه؛ فاقتضت حكمته أن أنزل آدم - عليه السلام - وذريته إلى الأرض ليتم الامتحان وتظهر آثار استعداد الإنسان لهذه الدواعي واستجابته لها، وتكريمه أو إهانته تبعا لذلك.
٧ - أن الإيمان بالغيب هو الإيمان النافع، أما الإيمان بالمشاهدة فكل أحد يؤمن يوم القيامة، فلو خلقوا في دار النعيم لم ينالوا درجة الإيمان بالغيب الذي تعقبه اللذة والكرامة الحاصلة بسبب الإيمان بالغيب، فلذلك أنزلهم إلى دار يكون لإيمانهم فيها بالغيب مجال.
٨ - أن الله - سبحانه - أراد من ذلك أن يعرف عباده الذين أنعم عليهم تمام نعمته عليهم وقدرها، ليكونوا أعظم محبة وشكرا، وأعظم التذاذا بما أعطاهم من النعيم، فأراهم - سبحانه - فعله بأعدائه وما أعد لهم من العذاب، وأشهدهم تخصيصهم بأعلى أنواع النعيم، ليزداد سرورهم، وتكمل غبطتهم، ويعظم فرحهم، وكان ذلك من تمام الإنعام عليهم ومحبتهم، ولم يكن