وتصديق رسله في كل ما أخبروا به، وغير ذلك مما هو نفع وصلاح للعبد في دنياه وآخرته، وفي ضد ذلك شقاوته ومضرته في دنياه وآخرته.
ولولا الرسالة لم يهتد العقل إلى تفاصيل المنافع والمضار في المعاش، فمن أعظم نعم الله على عباده، وأشرف مننه عليهم أن أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبين لهم الصراط المستقيم، ولولا ذلك لكانوا بمنزلة الأنعام وأشر حالا منها، فمن قبل رسالة الله واستقام عليها فهو من خير البرية، ومن ردها وخرج عنها فهو من شر البرية، وأسوا حالا من الكلب والخنزير، وأحقر من كل حقير، ولا بقاء لأهل الأرض إلا بآثار الرسالة الموجودة فيهم، فإذا درست آثار الرسل من الأرض، وانمحت معالم هداهم أخرب الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة.
وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها، والجسم إلى الطعام والشراب، بل أعظم من ذلك، وأشد حاجة من كل ما يقدر ويخطر بالبال، فالرسل عليهم الصلاة والسلام وسائط بين الله تعالى وبين خلقه في أمره ونهيه، وهم السفراء بينه وبين عباده، وكان خاتمهم وسيدهم وأكرمهم على ربه محمدا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين فبعثه الله رحمة للعالمين، وحجة للسالكين، وحجة على الخلائق أجمعين، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتوقيره