يا مدعي نسب الوفاء لعهده ... نسب الوفاء كما علمت صميم
أين التمزق والتحرق والبكا ... هل شافع في رزية وجميم
عز العزاء الفرد في ذاته ... ولكل قلب منك فيه كلوم
أما والده جمال الدين أبو محمد عبد الرحيم فكان من سادات الناس ورؤسائهم وأعيانهم وصدورهم وفضلائهم، خدم الملك المعظم شرف الدين عيسى بن العادل رحمه الله تعالى، وكان عنده في محل الوزارة وكان من المتضلعين بالعلوم، وله أشعار كثيرة، ومصنفاته عديدة مفيدة، وكان بينه وبين والدي رحمهما الله تعالى صحبة أكيدة، وصحب سيدنا الشيخ عبد الله اليونيني الكبير رحمه الله تعالى، وكان كثير البر والصدقة معروفاً بأسد، المعروف إلى سائر من يعرفه ويقصده ويجتاز به، وكان بينه وبين الملك المعظم مداعبات كثيرة. كتب إليه مرة رقعة يداعبه فيها يعني أنه فارق الملك المعظم ودخل منزله، فطالبه أهله بما حصل له من بره وأنه قال: ما أعطاني شيئاً، فقاموا إليه بالخفاف وفعلوا به وصنعوا. ومن نظمها قولها:
وتحالفت بيض الأكف كأنها ... التصفيق عند مجامع الأعراس
وتطايرت سود الخفاف كأنها ... وقع المطارق من يد النحاس
فرمى المعظم الرقعة إلى فخر القضاة ابن بصاقة وقال له: أجبه عنه. فكتب نثراً ونظماً، فجاء في النظم:
فاصبر على أخلاقهن ولاتكن ... متخلقاً إلا بخلق الناس