لكشف الأخبار وأخذ ما جاوره من بلاد العدو، فقام في ذلك المقام المحمود وفعل ما لا تسمو إليه همة غيره من أخذ بلاد العدو. فقام في ذلك ما يطول شرحه من شن الغارات عليهم، ونهب جشاراتهم وقطع الطريق على سفارتهم. ولم يزل على ذلك إلى حين وفاته. وكان عنده معرفة بالنجوم وإلمام بالفضيلة ومحبة لها ولأهلها، وديانة كثيرة، وغيرة مفرطة، وكرم طباع، وسعة صدر، وشدة حياء، لا يخيب من قصده في حاجة ولا يطلب أحد رفده إلا ويبره بأكثر ما في نفسه، وإن أهدى أحد له هدية كافأه بأكثر منها؛ وكان له عقيدة في الفقراء والصلحاء وإيمان بكراماتهم لا ينكر من ذلك ما يخرق العادات. وكانت وفاته في رابع عشرين رمضان المعظم بقلعة الرحبة ودفن بظاهرها رحمه الله تعالى وهو في عشر الستين.
ولما كان ببعلبك تزوج كريمتي واتفق توجهها إليه ومعها والدتي وأنا إذ ذاك في الحجاز الشريف وهي تتشوق إلي: فتوجهت في شهر رجب وأقمت، فتوفي المذكور وأنا هناك، فاستصحبت الأهل وولد الأمير عز الدين المذكور رحمه الله تعالى وغلمانه، وعدت بهم إلى دمشق فورد علي كتاب صاحبنا الموفق عمر بن عبد الله الآتي ذكره من بعلبك إلى دمشق يتضمن الشوق والتهنئة بالسلامة. وفي صدر الكتاب بيتان من الشعر من نظمه يقول:
مولاي قطب الدين موسى دعوة ... من نازح يخشى قطيعة أهله
أنسيت يا مولاي نار تشوقي ... يا من قضى أجلاً وسار بأهله