للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن استقاء فقاء (و) أي شيءٍ كان (وم ش) أفطر؛ لخبر أبي هريرة: «مَنْ ذرعَهُ القيء، فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً، فليقض» . وهو ضعيف عند أحمد، والبخاري، والترمذي، والدارقطني، وغيرهم. ويتوجه احتمال: لا يفطر. وذكره البخاري عن أبي هريرة، ويروى عن ابن مسعودٍ، وابن عباسٍ، وعكرمة، وقاله بعض المالكية، وعنه: يفطر بملء الفم، اختاره ابن عقيل (وهـ) ، وعنه: أو نصفهِ، كنقض الوضوء، وعنه: إن فَحُشَ أفطر، وقاله القاضي، وذكر ابن هبيرة أنه الأشهر، وذكر الشيخ وغيره الأول ظاهر المذهب، وذكره صاحب «المحرر» وغيره أصح الروايات، كسائر المفطرات. واحتج القاضي بأنه لو تجشَّأ لم يُفطر، وإن كان لا يخلو أن يخرج معه أجزاء نجسة؛ لأنه يسير، كذا هنا. كذا قال، ويتوجه ظاهر كلام غيرِهِ: إن خرج معه نَجَس، فإن قصد به القيء، فقد استقاء، فيفطر، وإن لم يقصد، لم يَسْتقِئ، فلم يفطر، وإن نقض الوضوء، وذكر ابن عقيل في «مفرداته» أنه إذا قاء بنظره إلى ما يُغْثيه يفطر، كالنظر والفكر (١) .

وإن قبل أو لمس، أو باشر دون الفرج، فإن لم يخرج منه شيء، فيأتي فيما يُكرَه للصائم، وإن أمنى أفطر (و) ؛ للإيماء في أخبار التقبيل، كذا ذكره الشيخ وغيره، وهي دعوى، ثُمَّ إنما فيها أنها قد تكون وسيلةً وذريعةً إلى الجماع، واحتج صاحب «المحرر» بأن إباحة الله تعالى مطلق مباشرة النساء ليالي الصوم يدل على التحريم نهاراً، والأصل في التحريم الفساد، خرج منه المباشرة بلا إنزال؛ لدليل. كذا قال.


(١) والصحيح ما دل عليه الحديث أنه إن استقاء عمداً أفطر وإلا فلا، وهو المطابق للقياس الصحيح على الحجامة، وإن كان أقل منها تأثيراً، لكنه يشبهها؛ لأن القيء: إخراج ما يغذي، والحجامة إخراج ما تغذى به، فيشابهها، وأما قولهم: «الوضوء مما خرج والفطر مما دخل» فهذه كلمة ليست صحيحة.

<<  <   >  >>