للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالمباشرة الجماع (١) ، كما روي عن ابن عباس وغيره، يؤيده أنه هو الذي كان محرَّماً، ثم نُسِخَ، لا ما دونه، مع أن الأشهر لا يحرم ما دونه (٢) ، ويتوجه احتمال: لا يفطر بذلك، وقاله داود، وإن صح إجماع قبله - كما قد ادعي - تعين القول به (٣) ، وعن أبي يزيد الضِّنِّي عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قبَّلَ امرأته - وهما صائمان - قال: «قد أفطر» .


(١) يعني: في قوله تعالى: {باشروهن} [البقرة: ١٨٧] .
(٢) ابن مفلح - رحمه الله - يميل إلى أنه لا يفطر إذا باشر الرجل وأنزل، أو قَبّلَ وأنزل، أو ضم وأنزل، ولهذا رد عليهم في تعليل الشيخ الموفق رحمه الله للإيماء في أخبار التقبيل، فقال: «وهي دعوى» ثم استطرد إلى أن قال: «والمراد بالمباشرة الجماع» ، لكن عندنا فيه أنه يفطر بذلك؛ لأنه في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» [أخرجه البخاري في الصوم/باب فضل الصوم (١٨٩٤) ؛ ومسلم في الصيام/باب حفظ اللسان للصائم (١١٥١) (١٦٤) .] ، ومعلوم أن خروج المني من أقوى الشهوات، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة» ، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إن وضعها في حلال، كان له أجر» [أخرجه مسلم في الزكاة/باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (١٠٠٦) .] ، والشهوة التي توضع هي المني، فالصحيح أن الإنسان إذا باشر بتقبيل أو ضم أو لمس وأنزل أن صومه يفسد.
(٣) قوله: «وإن صح إجماع قبله كما قد ادعى تعين القول به» لأن بعضهم قال: إنه يفطر إذا أنزل بالإجماع، فيقول ابن مفلح رحمه الله: من باب العدل: وإن صح إجماع قبله كما قد ادعى تعين القول به؛ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، لكن قوله: «إن صح» يدل على أنه متردد في صحة دعوى الإجماع.

<<  <   >  >>