للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الآخر: لا، أكل حتى يتفقا، وأنه قول أبي بكر، وعمر، وابن عباسٍ، وغيرهم (١) ، واحتج من لم ير صوم يوم ليلة الغيم بالأكل مع الشك في الفجر، وأجاب القاضي وغيره؛ بأن البناء على الأصل هنا لا يسقط العبادة، والبناء على الأصل في مسألة الغيم يسقط الصوم، وللمشقة هنا؛ لتكراره، والغيم نادر (٢) ، واقتصر صاحب «المحرر» في الجواب على المشقة مع ما في الغيم من الخبر (٣) ، وذكر ابن عقيل في «الفصول» : إذا خاف طلوع الفجر، وجب عليه أن يمسك جزءاً من الليل؛ ليتحقق له صوم جميع اليوم، وجعله أصلاً لوجوب صوم يوم ليلة الغيم، وقال: لا فرق. ثم ذكر هذه المسألة في موضعها، وأنه لا يحرم الأكل مع الشك في الفجر، وزاد: بل يستحب. كذا قال (٤) .

وفي «المستوعب» و «الرعاية» : الأولى أن لا يأكل مع شكه في طلوعه. وكذا جزم صاحب «المحرر» مع جزمه بأنه لا يُكرَه.


(١) هذا القول هو الراجح، وهو: أنه لا يحرم الأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر، وأن للإنسان أن يأكل حتى يتيقن، كذلك أيضاً إذا قال لشخصين عالمين عارفين بالفجر: أرقبا لي الفجر، فقال أحدهما: طلع، وقال الآخر: لم يطلع، فله أن يأكل ويشرب حتى يتفقا، وبناءاً على ذلك فاختلاف التقاويم الآن لنا أن نأخذ بالأخير؛ لأنهما لم يتفقا إلا على آخِر واحد، والعجيب أنه يقول: «وأنه قول أبي بكر وعمر وابن عباس وغيرهم» .
(٢) هذا جواب للتعصب فقط، وجواب القاضي ضعيف جداً، إذ لا فرق؛ لأن الأصل بقاء شعبان، فإذا حال دون رؤية الهلال غيم أو نحوه فالأصل أن نبني على أن شعبان باق ولم يدخل رمضان، وكذلك في الفجر، فإذا شككنا فإننا نأكل حتى نتيقن.
(٣) الخبر سبق أنه لا دليل فيه، ومعنى: «اقدروا له» فسرته السنة نفسها، أي: «أكملوا عدة شعبان ثلاثين» .
(٤) هذا اختلاف قولين، والعالم المجتهد ربما يكون له قولان متناقضان، كان في الأول يقول: يجب عليه أن يمسك، وفي الثاني يقول: لا يحرم الأكل، وعليه فلا يجب الإمساك.

<<  <   >  >>