للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن يدعو عند فطرِهِ، روى ابن ماجه، والترمذي وحسَّنَه، من حديث أبي هريرة: «ثلاث لا تُردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم» . ولابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو: «للصائم عند فطره دعوة لا تُرَدُّ» . واقتصر جماعة على قول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، سبحانك وبحمدك، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم» . رواه الدارقطني، من حديث أنسٍ، ومن حديث ابن عباسٍ، وفيهما: «تقبل منا» . وذكره أبو الخطاب وغيره، وهو أولى، وذكر بعضهم أيضاً قول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله» . رواه أبو داود، والنسائي، والدارقطني، وقال: إسناده حسن. والحاكم، وقال: على شرط البخاري. والعمل بهذا الخبر أولى (١) .

«ومن فطَّرَ صائماً، فله مثل أجره من غير أن يَنقُص من أجره شيء» . صحَّحَه الترمذي من حديث زيد بن خالد، وظاهر كلامهم: مِنْ أي شيء كان، كما هو ظاهر الخبر، وكذا رواه ابن خزيمة من حديث سلمان الفارسي، وذكر فيه ثواباً عظيماً إن أشبعه، وقال شيخنا: مراده بتفطيره أن يشبعه (٢) .


(١) وهذا الخبر الأخير لا يقال إلا في أيام الحر؛ لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ذهب الظمأ» يدل على أن هناك ظمأً، وكذلك قوله «وابتلت العروق» يدل أيضا على أن العروق ناشفة، ولا تنشف إلا في أيام الصيف، أما «وثبت الأجر» فهذا يقال في الصيف والشتاء، ويدعو الإنسان بما يحب من الدعاء من أمور الدين والدنيا؛ لأنه يرجى الإجابة في هذا الوقت، ولاسيما أنه في آخر النهار، ولاسيما إذا كان في نهار الجمعة وهو ينتظر أذان المغرب.
(٢) لكن كلام الشيخ هنا خلاف ظاهر النص؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً» يقتضي: ولو بشربة ماء، ولاسيما أنه في الحديث الثاني ذكر ثواباً عظيماً إن أشبعه، فالصواب أنه يحصل هذا بأدنى ما يحصل به الفطر.

<<  <   >  >>