للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أكل يظن أو يعتقد أنه ليل، فبان نهاراً في أوله أو آخره، فعليه القضاء (و) ؛ لأن الله أمر بإتمام الصيام، ولم يتمه، وقالت أسماء: أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس. قيل لهشام بن عروة - وهو راوي الخبر -: أمروا بالقضاء؟ قال: لا بُدَّ من قضاء. رواه أحمد والبخاري، ولأنه جهل وقت الصوم فهو كالجَهْلِ بأول رمضان (١) ، وصوم المطمور ليلاً بالتحري، بل أولى؛ لأن إمكان التحرز من الخطأ هنا أظهر، والنسيان لا يمكنه التحرُّزُ منه، وكذا سهو المصلي بالسلام عن نَقْصٍ، ولا علامة ظاهرة، ولا أمارة سوى عِلمِ المصلي، وهنا علامات، ويمكن الاحتياط والتحفُّظُ، وتأتي رواية (٢) : لا قضاء على من جامع جاهلاً بالوقت، واختاره شيخنا، وقال: هو قياس أصول أحمد وغيره.


(١) قوله: «بد من قضاء» أي: لا بد من القضاء، هذا رأي هشام بن عروة، وأبوه أعلم منه؛ لأن أباه عروة أحد الفقهاء السبعة في المدينة، قال: إنهم لم يقضوا، وقول هشام رحمه الله: «بد من قضاء» واضح أنه قاله تفقهاً من عنده، ولكن الصحيح أنهم لم يأمروا بالقضاء، وأن صيامهم صحيح؛ لأنه داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: ٢٨٦] ، فقال الله تعالى: «قد فعلت» [سبق تخريجه] .
(٢) وهذه رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله -، وهو أنه لا قضاء على من جامع جاهلاً بالوقت، مع أن الجماع هو أشد أنواع المفطرات، وهذه الرواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - هي الصواب بلا شك، الموافقة لظاهر الكتاب والسنة.

<<  <   >  >>