قال: وكذا كل عبادةٍ متراخيةٍ. قال في «شرح مسلم» : الصحيح عند محققي الفقهاء، وأهل الأصول فيه، وفي كل واجبٍ موسَّعٍ، إنما يجوز تأخيره بشرط العزم على فعلِه. وعن علي، وابن عمر، وعروة، والحسن، والشعبي، والنخعي: يجب التتابع، وكذا قال داود، والظاهرية: يجب، ولا يشترط للصِّحِة، كأدائه، وأجاز جماعة من الصحابة وغيرهم الأمرين. قال الطحاوي: لا فضل للتتابع على التفريق؛ لأنه لو أفطر يوماً من رمضان، يقضيه بيومٍ، ولا يستحب له قضاء شهرٍ.
ومن فاته رمضان تامّاً أو ناقصاً؛ لعذرٍ أو غيره، قضى عدد أيامه مطلقاً، اختاره جماعة منهم: صاحب «المحررِ» ، و «المغني» ، و «المستوعب»(وهـ ش) كأعداد الصلوات، وعند القاضي: إن قَضَى شهراً هلالياً، أجزأه مطلقاً، وإلا تمَّمَ ثلاثين يوماً. وهو ظاهر الخرقي، وذكره صاحب «المحررِ» ظاهر كلام أحمد. وقاله الحسن بن صالحٍ، وبعض الشافعية، وحكي عن مالكٍ (١) . فعلى الأول: من صام من أول شهرٍ كاملٍٍٍ، أو من أثناء شهرٍ، تسعةً وعشرين يوماً، وكان رمضان الفائت ناقصاً، أجزأه عنه؛ اعتباراً بعدد الأيام. وعلى الثاني: يقضي يوماً تكميلاً للشهر بالهلال، أو العدد ثلاثين يوماً.
(١) ولكن هذا القول ضعيف، ومعارض لظاهر القرآن؛ لأن الله تعالى قال: {فعدة من أيام أخر} [البقرة: ١٨٤] ، ولم يقل: فشهر عوضٌ عنه مثلاً، فلو قال ذلك لكان هذا الخلاف متوجهاً، وأما أن القرآن نصه: {فعدة من أيام أخر} فلا يتوجه هذا الخلاف، فالصواب أن عليه عدة الأيام التي أفطرها، إن كان الشهر تسعة وعشرين فتسعة وعشرون، وإن كان ثلاثين فثلاثون.