للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذين قالوا: إن هذه الأمور تفطر - كالحقنة ومداواة المأمومة والجائفة (١) - لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس، وأقوى ما احتجوا به قوله: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» . قالوا: فدل ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ (٢)


(١) الحقنة الشرجية التي تحقن في الشرج من أسفل، يوضع فيها أدوية أو ما أشبهها وكثيرا ما تحقن من أجل اليبوسة، وأما المأمومة والجائفة: فالمأمومة هو الجرح في الرأس يصل إلى أم الدماغ فيداوى، فبعض العلماء يقول: إنك إذا داويت المأمومة فسد الصوم؛ لأن المأمومة جوف، إذ أنها في وسط الرأس، والجائفة: هي التي تصل إلى الجوف، فهذا إنسان جرح حتى انفتح بطنه، فداووه، فهذه مداواة جائفة، فعند بعض العلماء أنها تفطر أيضا؛ لأن هذا الدواء وصل إلى الجوف، لكن شيخ الإسلام يقول: ليس معهم حجة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس، ولم يقل: لما ثبت من القياس، يعني: هذا القياس غير صحيح، لكن هذا رأيهم، وعلى هذا فالتحاميل التي تسمى تحاميل يحملها الإنسان عند شدة الحمى أو غير ذلك من الأسباب لا تفطر، فالذي يفطر الأكل والشرب وما كان بمعناه في التغذية فله حكمه , على أنه قد يعارض معارض في الإبر المغذية - مثلا- بأنها تختلف عن الأكل والشرب؛ لأن الأكل والشرب له لذة وطعم, ولهذا كان الذي يتغذى بهذه الإبر يشتاق اشتياقا كبيرا إلى الأكل والشرب, لكننا عارضنا هذا بحديث لقيط بن صبرة: «وبالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائما» [سبق تخريجه.] ، فإن المستنشق للماء لا يتلذذ به.
(٢) الظاهر أن الإنسان إذا استنشق الماء لا يصل إلى دماغه لكن يصل إلى جوفه، ولذلك النَّفَس يخرج من الرئتين بلا شك، ويخرج عن طريق الأنف، ولا يذهب للدماغ ثم ينزل، فالظاهر أن قوله: «يصل إلى الدماغ» فيه نظر من حيث الطب..

<<  <   >  >>