للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: سميت ليلة القدر؛ لعظم قدرها عند الله، وقيل: القدر بمعنى الضيق؛ لضيق الأرض عن الملائكة التي تنزل فيها، فروى أحمد عن أبي هريرة مرفوعا: «إن الملائكة تلك الليلة أكثر من عدد الحصى» ، ولم ترفع (و) (١) للأخبار بطلبها وقيامها، وعن بعض العلماء: رفعت، وحكي روايةً عن أبي حنيفة (٢) ، وهي في رمضان (و) لا في كل السنة خلافا لابن مسعود، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد كقوله، وجزم به ابن هبيرة عن أبي حنيفة، وذكر صاحب «المحرر» : أن الأول أشهر عنه وعن أصحابه، وهي مختصة بالعشر الأخير منه عند أحمد، وأكثر العلماء من الصحابة وغيرهم (وم ش) ، وليالي وتره آكد وأرجاها ليلة سبع وعشرين.


(١) هذا - إن صح الحديث - فقد يقال: إنه من القدر، وهو الضيق؛ لقول الله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: ٧] أي: ضيق، لكن المعنيان الأولان هما الصحيحان، أنها من التقدير، والقدر الذي هو الشرف فهي ليلة قدر؛ لأنه مقدر فيها ما يكون في تلك السنة، وليلة القدر لأنها شريفة، كما يقول قائل: لك عندي قدر عظيم، أي: منزلة وشرف، فتكون قد سميت بهذا للمعنيين جميعاً، أما الضيق - إن صح الحديث - فإننا لا نعرف عن أجسام الملائكة، هل هي أكبر من الحصى فتضيق عليهم، أو دون؟ فالله أعلم.
(٢) والصواب - بلا شك - أنها لم ترفع، وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثم رفعت» أي: علمها في تلك السنة؛ لأنه خرج صلى الله عليه وسلم ليخبر أصحابه بها، فتلاحى رجلان من الصحابة، فرفعت [أخرجه البخاري في فضل ليلة القدر/باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس (٢٠٢٣) .] ، والمعنى: رفعت، أي: رفع علمها في تلك السنة، هذا هو المعنى، ولو قدر أنها رفعت في تلك السنة لم ترفع فيما بعد، وكيف نقول: إنها رفعت والنبي صلى الله عليه وسلم يحث ويرغب أمته في قيامها إلى يوم القيامة.

<<  <   >  >>