للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم أجد في كلام أحمد في ذلك إذنا ولا منعا، مع أنه قد كره الصلاة في مواضع العذاب، نقله عنه ابنه عبد الله؛ للحديث المسند في ذلك عن علي الذي رواه أبو داود، وإنما نص على الحشوش وأعطان الإبل والحمَّام، وهذه الثلاثة هي التي ذكرها الخرقي (١) وغيره، والحكم في ذلك عند من يقول به قد يثبته بالقياس على موارد النص، وقد يثبته بالحديث، ومن فرق يحتاج إلى الطعن في الحديث وبيان الفارق (٢) ، وأيضا المنع قد يكون منع كراهة وقد يكون منع تحريم.

وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما، ولا بد أن تنقل الأمة ذلك، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن.


(١) الخرقي رحمه الله من أكابر الأصحاب رحمهم الله، وله كتاب مشهور، وهو «مختصر الخرقي» ، والذي شرحه أمم عظيمة من العلماء، وأحسن شرح رأيناه عليه هو «المغني» لابن قدامة رحمه الله.
(٢) قوله: «يحتاج إلى الطعن في الحديث» أي: إن اعتمد على الحديث، وقوله: «وبيان الفارق» أي: إن اعتمد على القياس، وشيخ الإسلام رحمه الله يقول: «والحكم في ذلك عند من يقول به قد يثبته بالقياس على موارد النص، وقد يثبته بالحديث» أي: من يقول بهذا الحكم - وهو المنع من الصلوات في هذه الأماكن السبعة - يحكم به إما بالحديث وإما بالقياس، فمن طعن في هذا الحكم فإنه يحتاج إلى الطعن في الحديث، أو إلى بيان الفارق.

<<  <   >  >>