(٢) أي: منع الصائم. (٣) وهنا إيراد ثان على هذه المسألة، فإن قيل: لو أكل خرزة أو حديدة أو ما أشبه ذلك مما لا يغذي إطلاقا، وليس فيه تغذية، فهل يفطر؟
المسألة فيها خلاف: فبعض العلماء يقول: إنه لا يفطر؛ لأنه لا غذاء في ذلك، وبعضهم يقول: إنه يفطر، وذلك لأنه أكل، يعني: صدق عليه أنه أكل، والآية عامة: {وكلوا واشربوا حتى يتبين} فإذا أكل ولو ما لاغذاء فيه أصلا فإنه يفطر بذلك، على أنه قد يقال: هذا الذي لايغذي أصلا لا بد أن تمتلئ به المعدة، فيغني عن الجوع، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يربط على بطنه الحجر من الجوع [أخرجه مسلم في الأشربة/ باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك وبتحققه تحققا تاما واستحباب الاجتماع على الطعام (٢٠٤٠) , عن أنس بن مالك, ولفظه: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم، وقد عصب بطنه بعصابة، قال أسامة -أحد رواة الحديث-: وأنا أشك: على حجر، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه؟ فقالوا: من الجوع.] ؛ لأن المعدة تتلاءم فلا تتسع وتحتاج إلى طعام، فهنا نقول: إنه-أي: أكل ما لايغذي- لا يرد علينا؛ لسببين:
السبب الأول: أنه داخل في العموم، فيسمى أكلا أو شربا.
والسبب الثاني: أنه يملأ المعدة، فيحصل به تلاءم المعدة، فيمنعه من الجوع.
والخرز ليس مثل الحصى، فالحصى يتفتت مهما كان، والمعدات-أي: معدات الحيوان- تختلف، فالنعامة تأكل الزجاج وهو يجرح الجلد، ومع ذلك تأكله وتهضمه، ويخرج منها، وأخبرني بعض الناس أنه وضع ساعة من الساعات الكبار التي توضع في الجيب أمام النعامة فتناولتها وأدخلتها، ورآها تجري في رقبتها وهي حديد! وأيضا القطا معروف بأنه يأكل المرو، والمرو حجر قوي جدا.