للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطرد هذا إخراج الدم بالحجامة والفصاد ونحو ذلك، فإن العلماء متنازعون في الحجامة هل تفطر الصائم أم لا؟ والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم» كثيرة قد بينها الأئمة الحفاظ، وقد كره غير واحد من الصحابة الحجامة للصائم، وكان منهم من لا يحتجم إلا بالليل، وكان أهل البصرة إذا دخل شهر رمضان أغلقوا حوانيت الحجامين، والقول بأن الحجامة تفطر مذهب أكثر فقهاء الحديث كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم، وأهل الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم (١) .

والذين لم يروا إفطار المحجوم احتجوا بما ثبت في «الصحيح» : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم. وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة، وهي قوله: (وهو صائم) ، وقالوا: الثابت أنه احتجم وهو محرم.

قال أحمد: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم حديث مِقْسم في الحجامة للصائم. يعني: حديث شعبة عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم.


(١) المؤلف - رحمه الله - اشترط ثلاثة شروط: الأول: أهل الحديث، والثاني: الفقهاء فيه، والثالث: العاملون به، فهؤلاء أخص الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم.

وهناك أهل حديث ينقلونه رواية لكن ليس لهم به دراية وفقها، فهؤلاء يدخلون في قول الرسول: صلى الله عليه وسلم «رب مبلغ أوعى من سامع» [أخرجه البخاري في الحج/باب الخطبة أيام منى (١٧٤١) .] ، ولا شك أنهم مثابون ومأجورون على عملهم وعلى اجتهادهم، لكن إذا اجتمع أهل حديث وفقهاء وعاملون به، كالإمام أحمد رحمه الله مثلا، تمت الشروط، أي: شروط تحقيق وتحقق المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

<<  <   >  >>