قال القاضي وغيره: وإنما لم تجب الطهارة مع الشك احتياطا للعبادة؛ لأنه حقٌّ لآدمي، فلا يبطله بالشك، فيقال: وجواز الأكل والجماع حق لآدمي، فلا يحرمه بالشك (١) .
(١) هذا الذي ذكره المؤلف رد على القاضي واضح جداً، وهو أن الأكل والشرب حق للآدمي أباحه الله له، فيتمتع به، فلا نحرمه ونقول: صم يوم الثلاثين من رمضان مع الشك؛ لأننا إذا قلنا ذلك حرمناه مما أحل الله له، ومن ذلك - أيضاً - أذان الفجر الآن، فإن كثيراً من الإخوة في بلادنا ألحوا علينا بأن هذا الأذان متقدم على الوقت، فبعضهم يقول: بربع ساعة، وبعضهم يقول: بعشر دقائق، وبعضهم يقول: بثلث ساعة، وهذا فرق عظيم، وأقرب شيء أنه متقدم خمس دقائق، كما حرره بعض الفلكيين، وعلى هذا فلا يحل لنا أن نحرم الناس ما أحل الله لهم في مدة خمس دقائق، بل ولا دقيقة واحدة؛ لأن الأصل بقاء الليل، وفيه - أيضاً - من الخطر - وهو الأذان قبل الوقت، وصلاة الفجر- وهذا أعظم من أكل الإنسان الذي يريد أن يصوم؛ فإن كثيراً من الناس يرتقب الأذان، فإذا أذن صلى، إما لكونه مريضاً في بيته، أو امرأة، أو ما أشبه ذلك، فهذه المسائل ينبغي للإنسان أن يعرف حدود الله فيها، حتى لا يحرم الناس ما أحل الله - عز وجل - لهم، ولا يحل لهم ما حرم الله عليهم.