للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالذين من بعدي أبي بكر وعمر (١) فأمر بإتباعهما فاقتضى هذا وجوب إتباع التابعين لهما، وقال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (٢) وهذا يوجب على غيرهم إتباعهم ويمنع المساواة لهم، ولأن الصحابة لما كان لهم فضل مشاهدة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والعلم بقصده ومخارج كلامه، ومصادره، ولم تحصل هذه المنزلة للتابعين، لم يجز أن يزاحمهم على ما يقولون، ولا يخالفهم فيما يحكمون، ولأنه لو كان خلافه خلافًا أفضى إلى أن لا ينعقد إجماع أبدًا، لأنه ما من عصر إلا ويلحق بهم من العصر الثاني من هو من أهل الإجتهاد، فإذا كان خلافه له خلافًا تسلسل هذا إلى أن لا يتصور إجماع عصر على قول، وما أفضى إلى هذا سقط في نفسه.

ووجه الثانية، أن الصحابة قد سوغت للتابعين الإجتهاد معها والمخالفة لها، ألا ترى أن عمر وعليًا -رضي اللَّه عنهما- وليّا شريحا القضاء (٣) ولم يتعقبا أحكامه بالفسخ مع إظهار الخلاف عليهما في كثير من المسائل، وكتب عمر -رضي اللَّه عنه- إليه فإن لم تجد في السنة فاجتهد رأيك (٤) ولم يأمره بالرجوع إليه ولا الحكم بقوله، وخاصم علي إلى شريح ورضي بحكمه حين


(١) تقدم تخريجه في المسألة (٨).
(٢) تقدم تخربجه في المسألة (٨).
(٣) ولاه عمر على الكوفة وأقره علي في خلافته بعد عثمان انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٤/ ٣٢٦ رقم ٥٦٤ وطبقات ابن سعد ٦/ ١٣١ وحلية الأولياء ٤/ ٣٧ و ٣٨ و ١٤٠.
(٤) سنن النسائي - كتاب القضاء - باب الحكم باتفاق أهل العلم ٨/ ٢٣١ بلفظ ". . فإن لم يكن في كتاب اللَّه ولا في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاقض بما قضى به الصالحون فإن لم بكن في كتاب اللَّه ولا في سنة رسول اللَّه ولم يقض به الصالحون فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ولا أرى التأخر إلا خيرًا لك".
وحلية الأولياء - ٤/ ١٣٦ في ترجمة شريح بلفظ "إذا جاءك الشيء في كتاب اللَّه فاقض به ولا يلفتنك عنه رجال، وإن جاءك ما ليس في كتاب اللَّه فانظر سنة نبيك عليه السلام فاقض بها وإن جاءك ما ليس في كتاب اللَّه ولم يكن فيه سنة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به" وليس فيه "فاجتهد رأيك".

<<  <   >  >>