للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشك عاقل فضلاً عن مثقفٍ، أنَّ لكل أهل فن أساليبهم وشروطهم الخاصة، لمعرفة ما هو صحيح عندهم أو ضعيف، فمن أراد نقد الأحاديث فعليه بطريقة القوم لا يخرج عنها، ويجب أن يكون ذا تيقظ وفهم، مع الدين والتقوى والإنصاف، وإلا فلا قيمة لما يقول، ولا يُلْتفَت إليه البتة، وقد أتعب نفسه بلا غاية.

كما قال فيهم الإمام الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ (١):

فَدَعْ عَنْكَ الكِتَابَةَ لَسْتَ مِنْها ... وَلَوْ سَوَّدْتَ وَجْهَكَ بِالْمِدَادِ

ولقد أوضح النُّقاد المحدّثون من أين لهم بذلك العلم، في القصة الطويلة التي فيها سؤال الرجل للإمام أبي حاتم: " من أين علمت هذا؟، أخبرك الراوي بأنَّه غلط أو كذب؟!، فقال أبو حاتم: "إنا لم نجازف، ولم نقله إلا بفهم" (٢). وقال أيضاً: "وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا" (٣).

وقال أبو عبدالله الحاكم: "والحجة عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير" (٤).

وقال الخطيب البغدادي: " السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانتهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط " (٥).

وقال ابن الصلاح رحمه الله: " ويستعان على إدراكها (أي العلة) بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك، تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم لغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه


(١) الذهبي: تذكرة الحفاظ، (ج١/ص٤).
(٢) السخاوي: فتح المغيث شرح ألفية الحديث، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٣ هـ، (ج١ / ص ٢٣٥).
(٣) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل، (ج١/ ص٣٥٠).
(٤) ابن الصلاح: معرفة علوم الحديث، (ص١٣).
(٥) العراقي: التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، (ص ١١٧).

<<  <   >  >>