والجدير بالذكر أنَّ هناك علاقة بين الضعيف والمعلول، وقد سبق بيان مفهوم الحديث المعلول من قبل في التمهيد، وتم الإشارة إلى مفهوم الضعيف ضعفاً محتملاً وغيره، فالضعيف إما أن يكون:
١ - ضعيفاً ضعفاً محتملاً، قد يجبر بمتابعة أو شاهد أو قرينة أخرى.
٢ - ضعيفاً ضعفاً راجحاً، وقد ثبت بطلانه، فلا يُعتبر به ولا يصلح كقرينة.
وفي المقابل مفهوم المعلول وهو ما ثبت بالقطع خطأ الراوي فيه، فلا يصلح أن يكون قرينة يتقوي بها حديث آخر، ومن هنا يعلم وجه التغاير بين المفهومين، لكن بين الضعيف والمعلول خيط يربطُهما ببعض، وهو أنَّ الحديث المعلول يعد من أنواع الضعيف الذي رجح فيه جانب الرد على جانب القبول، ولذا يمكن القول أنَّ بينهما عموم وخصوص، فكلُّ حديث معلول ضعيف وليس العكس.
فإنَّ الضعيف قد يكون محتمل الخطأ ومحتمل الصواب، بخلاف المعلول فهو ما ثبت خطأ الراوي فيه، وكلام النقاد يدل على ما ذهبنا إليه، فهذا صنيع شعبة بن الحجاج في حديث الشُّفعة قال ابن عدي في ترجمة عبدالملك بن أبي سليمان العَرْزمي: " أخبرنا الساجي ومحمد بن أحمد بن الحسين، ثنا عبدالله بن سعيد ثنا، وكيع ثنا شعبة، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر - رضي الله عنه - أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ يُنْتَظَرُ وَإِنْ كَانَ غَائِبَاً إِذا كَانَ طَرِيقَهُمَا وَاحِداً)) (١).
(١) أخرجه البيهقي: في السنن الكبرى (ج٦/ص١٠٦)، وأصل الضعف في حديث جابر المذكور تفرد عبدالملك بن أبي سليمان العَرْزمي بهذا اللفظ ومخالفته للثقات، ولهذا قال البيهقي: " قال الشافعي في هذا الحديث: سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظاً، قيل له ومن أين قلت؟، قال إنَّما رواه عن جابر بن عبدالله، وقد روى أبو سلمة بن عبدالرحمن عن جابر مفسراً: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الشُفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شُفعة))، وأبو سلمة من الحفاظ، وروى أبو الزبير وهو من الحفاظ عن جابر ما يوافق قول أبى سلمة، ويخالف ما روى عبدالملك بن أبى سليمان.