للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث الشُّفعة الذي أُنكر على عبدالملك هو هذا الحديث، وزاد الساجي، قال وكيع: قال لنا شعبة: " لو كان شيئاً يُقويه؟! ".

وقال أمية بن خالد: قلتُ لشعبة إنَّك تحدث عن محمد بن عبيدالله العَرْزمي وتدع عبدالملك بن أبي سليمان العَرْزمي وهو حسن الحديث، قال: من حسنها فَرَرْتُ " (١).

قلتُ: وواضح من كلام الإمام شعبة بن الحجاج أنَّهُ لم يجد لحديث الشفعة متابعاً لعبدالملك بن أبي سليمان العَرْزمي أو شاهداً يقويه، فدل على أنَّ النُّقاد المتقدمين كانوا يعتبرون بالضعيف؛ لأنَّه محتمل أن يكون صحيحاً إذا كان له ما يقويه من وجهٍ آخر.

وقال العلامة المعلمي في التنكيل: " أنَّ أئمة الحديث قد يتبين لهم في حديث من رواية الثقة الثبت المتفق عليه أنَّه ضعيف، وفي حديث من رواية من هو ضعيف عندهم أنَّه صحيح، والواجب على من دونهم التسليم لهم، وأولى من ذلك إذا كان الراوي وسطاً كالنهشلي وابن أبي الزناد " (٢).

[المطلب الثاني: أهمية كتابة الحديث الضعيف.]

ولقد قام جهابذة هذا الفن بكتابة الحديث الضعيف لأسباب غاية في الأهمية، وقد أجمل أهل العلم في مصنفاتهم هذه الأسباب، وذكروا لنا طريقتهم في ذلك.

وما أجمل ما ذكره ابن حبان البستي في المجروحين: ورأى أحمد بن حنبل يحيى بن معين في زاوية بصنعاء، وهو يكتب صحيفة معمر، عن أبان، عن أنس، فإذا اطلع عليه إنسان كتمه.

فقال أحمد بن حنبل له: تكتب صحيفة معمر، عن أبان، عن أنس، وتعلم أنها موضوعة؟!، فلو قال لك قائل: أنت تتكلم في " أبان"، ثم تكتب حديثه على الوجه؟!


(١) ابن عدي: الكامل في الضعفاء (ج٥/ص٣٠٢).
(٢) عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (ت: ١٣٨٦هـ): التنكيل طبعة المكتب الإسلامي، بيروت (دت)، تحقيق: العلامة ناصر الدين الألباني رحمه الله، (ج٢/ص٣٦).

<<  <   >  >>