أبي إليه قال:" ويحك! هذا نصيحة، ليس هذا غيبة "(١).
[أهمية بيان علة الأحاديث والأخبار]
إنَّ علم نقد الأخبار سنداً ومتناً يعتبر من أهم العلوم التي ساهمت في تقويم تاريخ الإسلام، والبحث في أوجه نقد الأحاديث وتعليلها من أهم المعارف والمباحث التي تُدرس في علم نقد الأخبار والمرويَّات، حيث أنها تكسب الباحث الخبرة والمعرفة، للتمييز بين الصحيح والضعيف، والتي تُؤهِّلهُ للحكم عليها ومدى صلاحيتها للاستشهاد بها في الأقوال والأعمال والأحكام الشرعية، ولخفاء علل الأحاديث على كثير من الناس إلا حذاق هذا الفن، حتى صار من أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما وإطلاعا وإدراكا لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة لاختلاف المرويَّات، لذا قام جهابذة النقاد من المحدثين ببيان علل الأحاديث من اضطراب، أو تصحيف، أو إدارج، أو نكارة أو شذوذ وغيرها، ليسُدُّوا هذه الثغرة عن الأمة، وقد يكون الحديث مروياً بالمعنى الخطأ عن الثقات - الذين عليهم العمدة في المرويَّات مما يوهم صحته - فيُحكم به، ويعتبر دليلاً لحكم شرعي وليس هو بصحيح بل هو ضعيف معلول.
فعلى سبيل المثال:
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل:" سألتُ أبي عن حديث عبدالرحمن بن مهدي عن زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبدالله قال: ((دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَخْبِرِيني بِمَرَضِ رسُول اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فوصفت له حتى بلغت أنَّ رسول الله صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ خِفْةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَينَ رَجُلَينِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَصَلَّى النَّبي صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبي بَكْرٍ قَاعِدَاً وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي)) فقال أبي: " أخطأ عبدالرحمن في هذا الموضع، أو يكون زائدة أخطأ لعبدالرحمن، حدثني أبي قال: حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، ومعاوية بن عمرو وخالفا عبدالرحمن