قَالَ: ذَاكَ أي ضَعِيفٌ، ثم قال: حديث العلاء كان يرويه وكيع عن أبي العميس، عن العلاء، وابن مهدي فكان يرويه ثم تركه، قيل عن من كان يرويه؟، قال: عن زهير ثم قال: ((إنَّ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ)) " (١).
قلتُ: وقرينة العلة التي صرح بها الإمام ابن مهدي وهي مخالفة المتن المعلول لمتن الحديث الثابت المشهور: ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ))، فوضحت كيفية إعلال الأئمة بهذه القرينة، وهي من أقوى الدلائل التي كانوا يستندون إليها في إعلال المرويَّات من جهة المتن، ولقد أكثر الأئمة النُّقاد من استعمال هذه القرينة في مصنفات العلل، وصرحوا بها في مواضع ليست بقليلة، فظهر بوضوح بطلان قول المستشرقين السالف الذكر.
المطلب الثاني: قرينة أنَّ الحديثَ لا يشبه كلام النبوة.
لقد اهتم النُّقاد بقرينة عدم مشابهة الحديث أو الخبر كلام النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وهذه القرينة لا تأتي إلا بعد طولِ باعٍ في معرفة الحديث وأهله، وتمييز قول النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ من قول غيره، فإنهم إذا وجدوا حديثاً لا يشبه كلام النّبُوةِ، وكان ظاهر الإسناد الصحة حكموا عليه بالبطلان، أو بالنكارة، أو ذكروا له علة ما كعدم السماع أو غيرها من العلل التي غالباً ما يكون الخلل منها في الحديث.
قال ابن رجب في شرح العلل: ومن ذلك: أنهم يعرفون الكلام الذي يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم، من الكلام الذي لا يشبه كلامه.
(١) ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال، (ج٣/ص٢١٨)، ترجمة رقم (٧١٤).