للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: رحمك الله يا أبا عبدالله أكتب هذه الصحيفة عن عبدالرزاق، عن معمر، عن أبان عن أنس، وأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجيء إنسان، فيجعل بدل: " أبان": " ثابتاً "، ويرويها عن معمر، عن ثابت، عن أنس، فأقول له: كذبت، إنَّما هي: " أبان " لا " ثابت" (١).

وقال ابن عبدالبر في جامع بيان العلم: " قال سفيان الثوري: إني أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه، حديث أكتبه أريد أن أتخذه ديناً، وحديث رجل أكتبه فأوقفه لا أطرحه ولا أدين به، وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به. وقال الأوزاعي: تعلم ما لا يؤخذ به كما تتعلم ما يؤخذ به " (٢).

وقال النووي في شرح مسلم: " فقد يقال لِمَ حدث هؤلاء الأئمة عن هؤلاء مع علمهم بأنهم لا يحتج بهم؟!، ويجاب عنه بأجوبة:

أحدها: أنهم رووها؛ ليعرفوها، وليبينوا ضعفها لئلا يلتبس في وقت عليهم، أو على غيرهم أو يتشككوا في صحتها.

الثاني: أنَّ الضعيف يُكتب حديثه ليعتبر به، أو يستشهد به كما قدمناه في فصل المتابعات ولا يحتج به على انفراده.

الثالث: أنَّ روايات الراوي الضعيف يكون فيها: الصحيح والضعيف والباطل فيكتبونها، ثم يميز أهل الحديث والإتقان بعض ذلك من بعض وذلك سهل عليهم معروف عندهم وبهذا احتج سفيان الثوري رحمه الله حين نهى عن الرواية عن الكلبي، فقيل له: أنت تروي عنه؟!، فقال: أنا أَعْلمُ صدقه من كذبه.


(١) ابن حبان: محمد بن حبان بن أحمد أبى حاتم البُستي (٣٥٤هـ)، المجروحين طبعة دار المعرفة، بيروت، تحقيق محمود ابراهيم زايد، (ج١/ص٣١ - ٣٢).
(٢) ابن عبدالبر: يوسف بن عبدالله بن عبد البر القرطبي (ت:٤٦٣هـ)، جامع بيان العلم وفضله طبعة دار الكتب العلمية، بيروت ٢٠٠٠م، تحقيق: مسعد عبدالحميد السعدني، (ص٧٦).

<<  <   >  >>