للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: أنهم قد يروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب، وفضائل الأعمال والقصص، وأحاديث الزهد ومكارم الأخلاق، ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام، وسائر الأحكام وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه، ورواية ما سوى الموضوع منه والعمل به.

لأنَّ أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع معروفة عند أهله، وعلى كل حال فإنَّ الأئمة لا يروون عن الضعفاء شيئاً يحتجون به على انفراده في الأحكام، فإنَّ هذا شيء لا يفعله إمام من أئمة المحدثين، ولا محقق من غيرهم من العلماء.

وأمَّا فعل كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم ذلك، واعتمادهم عليه فليس بصواب بل قبيح جداً وذلك لأنَّه إن كان يعرف ضعفه لم يحل له أن يحتج به، فإنهم متفقون على أنَّه لا يحتج بالضعيف في الأحكام، وإن كان لا يعرف ضعفه لم يحل له أن يحجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفاً، أو بسؤال أهل العلم به إن لم يكن عارفاً، والله أعلم " (١).

وليس الإمام الدارقطني إلا واحداً من هؤلاء النقاد فنجده يروي عن الضعفاء في كتابه السنن والعلل وغيرها ويعتبر بها، وهذه قاعدة عامة عنده، وله أحكام خاصة ببعض الرواة الضعفاء لا يحتج بهم، وسوف نضرب بعض الأمثلة التي تبين منهجه في ذلك:

١ - مثل قوله في عمرو بن دينار: "وهو ضعيف الحديث لا يحتج به " (٢).

٢ - وقوله في سعيد بن عبدالملك بن واقد الحراني:"وسعيد هذا ضعيف لا يحتج به" (٣).


(١) النووي: شرح النووي على صحيح مسلم، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت الطبعة الثانية سنة ١٩٩٢م، (ج١/ص١٢٦).
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٢/ص٥٠) سؤال رقم (١٠١).
(٣) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٢/ص٢٣٧) سؤال رقم (٢٤١).

<<  <   >  >>