للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قال نوح بن أبي مريم، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، إلا إنَّه أتى بلفظ آخر، فقال: ((مَنْ أَدْرَكَ الإمَامَ جَالِسَاً قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَي الصَّلاةَ وَفَضْلَهَا))، ونوح متروك، ورواه عمر بن حبيب، عن الزهري، عن سعيد " الجمعة ".

والصحيح قول عبيدالله بن عمر، ويحيى الأنصاري، ومالك ومن تابعهم على الإسناد والمتن، وحدث معمر بهذا الحديث أيضا، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمِنَ العَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا)) ... " (١).

قلتُ: والعلة التي في هذا المثال هي: الوهم في السند والمتن معاً، فأما العلة التي في المتن فهي الاضطراب في لفظ الحديث، فقد رواه جماعة بلفظ: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ "، وآخرون بلفظ " مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً "، وآخرون بلفظ " مَنْ أَدْرَكَ الإمَامَ جَالِسَاً قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ أَدْرَكَ "، وقد تعذر الجمع بين الألفاظ.

وقد رجح الإمام الدارقطني اللفظ الصحيح المحفوظ من طريق ابن المبارك، وعبدالله بن رجاء، وابن وهب، والليث بن سعد، وعثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: " ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ رَكْعَةً ...))، على الألفاظ الأخرى، وذلك لعدة أدلة وقرائن منها:

الأول: أنَّ مدار الحديث على الزهري فرواه عبدالله بن المبارك على الوجه المحفوظ، وتابعه جمع من طريق معمر بن راشد عن الزهري، وتابع معمر الإمام مالك بن أنس، وهما من أثبت الناس في الزهري (٢)، كما أخرج الشيخان الحديث من طريق مالك عن الزهري، ثم إنَّ الذين خالفهم، قد اشتهر عنهم الخطأ والوهم في الرواية.


(١) أبو الحسن الدارقطني: كتاب العلل (ج٩ / ص ٢١٣ - ٢٢٢)، سؤال رقم (١٧٣٠).
(٢) ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص ٣٤٦).

<<  <   >  >>