للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث بنفس العلة.

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث طاووس، عن معاذ - رضي الله عنه -: ((أنَّه أُتِيَ وَهُو بِالْيَمَنِ بِأَوْقَاصِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، فَقَالَ: لَمْ يَامُرْنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمَا بِشَيْءٍ)) (١).

فقال - الدارقطني -: يرويه عمرو بن دينار وإبراهيم بن ميسرة. فرواه: ابن عيينة والحسن بن أبي جعفر، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن معاذ. وكذلك رواه ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة. واختلف عن الثوري فرواه: ابن وهب، عن الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن معاذ بن جبل. ورواه وكيع، عن الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس أنَّ معاذاً لَمَّا أَتَى اليمن قال: لم أُومَرْ فيها بشئ فأرسله، ومن قال عن معاذ فهو أيضا مرسل؛ لأنَّ طاووساً لم يسمع من معاذ " (٢).

قلتُ: ووجه العلة في الحديث التي أشار إليها الدارقطني على الرغم من صحة السند في الظاهر هي: عدم سماع طاووس (٣) من معاذ. وحجة الدارقطني في ذلك التاريخ، فبين معاذ وطاووس مفاوز تنقطع بها أعناق الإبل، حيث إنَّ طاووس بن كيسان مات رحمه الله سنة ست ومائة هجرية (١٠٦هـ) (٤)، ومات معاذ بن جبل رضي الله عنه على الراجح سنة ثمان عشر من الهجرة (١٨هـ) (٥)، وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة، فظهر أن طاووس لم يدرك معاذ بن


(١) أخرجه على الوجه المعلول: الإمام أحمد في المسند، (ج٥ / ص٢٣٠)، برقم (٢٢٠٦٣)، من طريق حماد بن زيد، ثنا عمرو بن دينار، عن طاووس، عن معاذ بن جبل، بلفظ: " قال لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقاص البقر شيئا "، والأوقاص هي ما دون الثلاثين منها.
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٦ / ص٦٦)، سؤال رقم (٩٨٤).
(٣) هو طاووس بن كيسان الفارسي، الفقيه، القدوة، عالم اليمن، أبو عبد الرحمن الفارسي، ثم اليمني، الجندي، الحافظ، كان من أبناء الفُرس الذين جهزهم كسرى لأخذ اليمن له، فقيل: هو مولى بحير بن ريسان الحميري، وقيل: بل ولاؤه لهمدان (ت: ١٠٥ أو ١٠٦هـ) بمكة المكرمة رحمه الله، أنظر الذهبي: سير أعلام النبلاء، (ج٩ / ص٣٨).
(٤) الذهبي: سير أعلام النبلاء (ج٩/ص٤٥ - ٤٦)، ترجمة رقم (١٣).
(٥) المصدر السابق: (ج١ / ص٤٠٩)، ترجمة رقم (٨٦).

<<  <   >  >>