للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الإمام الدارقطني هي كالمثال السابق علة الإرسال، حيث أنَّ الحديث أسنده أبو نعيم وهو الفضل بن دكين (١) - وهو من الثقات الأثبات - عن الثوري فأخطأ، فرجح الدارقطني المرسل على المسند، وحجته في ذلك أنَّ محمد بن عمر وهو ابن علي بن أبي طالب لم يدرك جده (٢)، وقد عُلم ذلك بالتصريح وبالتاريخ (٣) ويضاف إلى ذلك مخالفة أبو نعيم ليحي بن سعيد القطان فرواه مرسلاً كذلك، وهو أثبت الناس في سفيان (٤)، فأصبح الحديثُ مُعَلاًّ بالإرسالِ.

المثال الثالث: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((أُتِيَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بسارق قد سرق شملة فقالوا: يا رسُول الله إن هذا سرق، فقال: " اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ ثُمَّ اتوُنِي بِهِ " فَقَالَ لَهُ: " تُبْ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: تُبْتُ، قَالَ: " تَابَ اللهُ عَلَيْكَ ")) (٥).


(١) وهو أبو نعيم الفضل بن دكين التيمي الطلحي الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، الفضل بن عمرو ابن حماد بن زهير بن درهم، التيمي، الطلحي، القرشي مولاهم، الكوفي (ت:٢١٩هـ)،من الثقات الأثبات وأخرج له الستة، وحدث عنه: البخاري كثيرا، وهو من كبار مشيخته، ويعد ممن أوصل البخاري لأتباع التابعين، بالسند العالي الثلاثي، سير أعلام النبلاء للذهبي (ج١٩/ ص١٢٢).
(٢) وهو محمد بن عمر بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمى، أبو عبد الله المدني (وأمه أم عبدالله أسماء بنت عقيل بن أبى طالب) (ت: ١٣٠هـ)، هو ثقة روى له أصحاب السنن، تهذيب التهذيب (ج٩ / ص٣٢١).
(٣) المصدر السابق (ج٩ / ص ٣٢٢).
(٤) ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص٣٨١).
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك على الوجه المعلول موصولاً (ج٤ / ص٤٢٢)، برقم (٨١٥٠)، من طريق عبدالعزيز بن محمد، أخبرني يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة رضي الله عنه به، وقال صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، قلتُ: لم يخرج مسلم رحمه الله بهذه الترجمة شيء في صحيحه، بل قد أخرج لعبدالعزيز ابن محمد وهو الدراوردي، عن غير يزيد بن خصيفة في الصحيح، فلم يكن على النسق، فانتفى أن يكون على شرط مسلم، ويضاف إلى ذلك إعلال أهل العلم له بالإرسال.

<<  <   >  >>