للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجادة أو طريق المجرة، كما يطلق أهل الحديث على الطرق المشهورة للأحاديث، وهو معنى قول الحاكم: " فيقع من رواه من تلك الطريق بناءً على الجادة في الوهم"، ولقد أعلَّ الإمام الدارقطني بهذه العلة بعض الأحاديث نذكر منها على سبيل المثال:

المثال الأول: لما سُئل الإمام الدارقطني عن حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)) (١).

فقال - الدارقطني -: "وأما مالك فرواه أصحاب الموطأ عنه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة منهم: القعنبي، وابن وهب، وأبو مصعب، والشافعي، ومعن وابن المبارك.

وخالفهم عبدالله بن نافع الصائغ، وبشر بن عمر الزهراني، وإسحاق الفزاري رووه عن مالك، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة ...

ورواه سُهيل بن أبي صالح (٢)، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال فيه: ((لاَ تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ بَرِيداً))، ورواه سُهيل بإسناد آخر أيضاً، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((لاَ تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ بَرِيداً))، فقد وهم على سُهيل؛ لأنَّ المحفوظ عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((لاَ تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَاً)) " (٣).

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الإمام الدارقطني هنا، ما وقع فيه سُهيل بن أبي صالح من الوهم في إتخاذ الطريق المشهورة (الجادة) على أنها إسناد الحديث، وليس كذلك بل الصحيح


(١) أخرجاه على الوجه الصحيح: البخاري في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب الجمعة، باب في كم يقصر الصلاة، (ج٢/ص٦٥٠)، برقم (١٠٨٦)، ومسلم، في الجامع الصحيح (مع شرح النووي)، كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، (ج٥/ ص١١٢)، برقم (١٣٣٨).
(٢) سُهيل بن أبى صالح: ذكوان السمان، أبو يزيد المدنى، مولى جويرية بنت الأحمس، (ت: فى خلافة المنصور)، صدوق تغير حفظه بآخرة، من الطبقة السادسة: من الذين عاصروا صغار التابعين، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج٤ / ص٢٣١).
(٣) أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج١٠ /ص ٣٣٤ - ٣٣٧)، برقم السؤال (٢٠٤٢).

<<  <   >  >>