للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني هي: أنَّ لفظ الحديث: ((إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى)) جاء بإسناد معروف عند الثقات وهو: " عن الشعبي حدث به عنه أبو قتيبة "، فأدخل إبراهيم بن عبدالله بن بشار الواسطي متناً آخر على نفس الإسناد فقال: ((هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فأوهم، وقد رجح الدارقطني أنَّ هذا الإسناد متنه هو: ((إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى) واستدل الدارقطني بمتابعة إسرائيل بن يونس عن أبيه يونس عن الشعبي عن أبي هريرة: فذكر نفس المتن، والله أعلم.

الجنس السادس: ما كان علته أنّه لم يثبت في متنه شيء صحيح مرفوع.

وهذه العلة يحكم بها النقاد عند عدم ثبوت صحة متن وإن كثرت رواياته، مثل قولهم: " أصح شيء في هذا الباب "، يعني أنَّ كل ما شابه هذا المتن ضعيف لا يثبت منه شيء، أو قولهم: " لا يثبت فيه شيء "، وقد أعل الدارقطني بعض الأحاديث نذكر منها أمثلة:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: "وسئل - الدارقطني - عن حديث مصعب بن سعد عن سعد - رضي الله عنه -، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ)) (١).

فقال - الدارقطني - يرويه محمد بن جحادة واختلف عنه فرواه: إسماعيل بن عبدالله ابن زرارة، عن داود بن الزبرقان، عن ابن جحادة، عن يونس بن أبي الحصيب، عن مصعب بن سعد، عن سعد، وخالفه الحسن بن عمر بن شقيق رواه، عن داود بن الزبرقان، عن محمد بن جحاد، عن عبدالأعلى، عن مصعب بن سعد، عن سعد، وجميعاً لا يصح " (٢).


(١) أخرجه الترمذي: في السنن، كتاب الصيام، باب ما جاء في كراهية الحجامة للصائم (ح٣/ص ١٤٤)، برقم (٧٧٤)، وقال أبو عيسى الترمذي: " قال الشافعي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه احتجم وهو صائم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: أفطر الحاجم والمحجوم، ولا أعلم واحداً من هذين الحديثين ثابتا، ولو تَوَقَّى رَجُلٌ الْحِجَامَةَ وهو صائم كان أحب إِلَيَّ ولو احتجم صائم لم أَرَ أن ذلك يفطره ".
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٤ /ص٣٢٤)، سؤال رقم (٥٩٥).

<<  <   >  >>