للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: عن حديث عاصم بن ضمرة، عن علي - رضي الله عنه -، عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَالإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْرِّقِ ...)) (١)، حديث طويل.

فقال - الدارقطني -: يرويه أبو إسحاق واختلف عنه: فرفعه أبو أحمد الزبيري عن الثوري، عن أبي إسحاق علي شك منه في رفعه، ووقفه غيره عن الثوري، ورواه عبدالمجيد عن معمر عن أبي إسحاق مرفوعاً، ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث، عن علي، وشك زهير في رفعه كذلك، قال الحسن بن موسى الأشيب، عن زهير، ورواه أبو بدر شجاع بن الوليد، عن أبي إسحاق، عن عاصم والحارث، عن علي فرفعه بغير شك إلا أنَّهُ لم يذكر في حديثه إلا زكاة البقر فقط" (٢)

قلتُ: والعلة المشار إليها هنا هي الشك في متن الحديث، هل هو مرفوع كله أو جزء منه؟، كما رواه زهير وهو ابن معاوية بن حديج الجعفي من الثقات الأثبات (٣)، فمرة شك في رفع كل المتن، ثم رواه بغير شك في رفعه ولكنَّه لم يذكر فيه إلا جزء زكاة البقر فقط، وتعرف هذه العلة بالتصريح بالشك غالباً كقول الراوي أحسبه عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أو لفظة تدل على الشك أو الاضطراب في ثبوت الحديث مرفوعاً.

ويتضح مما سبق:

- أنَّ الدارقطني كان غالباً ما يذكر الإسناد الراجح عنده، أو الأقرب للصواب في بداية إجابته للسؤال، ثم يذكر بعد ذلك من خالف في هذا الإسناد، ثم يُبّين الصحيح الراجح عنده من المرويّات في الحديث، ويلتزم هذا الترتيب غالباً.


(١) أخرجه أبو داود: في السنن، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، (ج١/ص ٤٩٢) برقم (١٥٧٢)، من طريق زهير حدثنا أبو إسحق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه، وفيه شك زهير المذكور هنا في العلل بقوله: " قال زهير أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٤/ص٧٣ - ٧٤)، سؤال رقم (٤٣٨).
(٣) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب (ج٣/ص ٣٠٣).

<<  <   >  >>